للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[الأسئلة]

س١/ ذَكَرَ أحد الباحثين أنَّ الإرجاء أثَّرَ على بعض العلماء فلم يُكَفِّرُوا تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً، فهل هذا الكلام على إطلاقه؟

ج/ هذا الكلام غير صحيح، فليس لمسألة تكفير تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً صلة بالإرجاء.

فالنزاع جارٍ ما بين أهل السنة في تكفير تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً، وليس في هذا فحسب؛ بل في تكفير من ترك رُكناً من أركان الإسلام، تكفير تارك الصلاة وغيره، ترى من ترك ركناً من أركان الإسلام الزكاة والصيام والحج، عن الإمام أحمد أيضاً وعن غيره، حتى الإمام أحمد ثَمَّ خلاف عنده -يعني في الروايات- في تكفير من ترك رُكْنَاً من أركان الإسلام.

ومن العجائب أنَّ الإمام أحمد رحمه الله له في هذه المسألة خمس روايات في هل يكفر من ترك أركان الإسلام العملية -يعني غير الشهادتين-:

الرواية الأولى: أنه يكفر بترك أي ركن من أركان الإسلام.

الرواية الثانية: أنه يكفر بترك الصلاة والزكاة.

والثالثة: يكفر يترك الصلاة والزكاة إذا قاتل عليها الإمام؛ يعني إذا قاتَلَ في الزكاة الإمام، ليس مطلق الترك.

والرابعة: يكفر بترك الصلاة فقط.

الخامسة: نسيت الخامسة.

المقصود أنّ الخلاف في تكفير من ترك رُكْنَاً من الأركان تهاوناً وكسلاً ليس له صلة بالإرجاء، وما ذكره الباحث محل نظر.

س٢/ ما هو ضابط الإعراض الذي هو من نواقض الإسلام؟

ج/ الإعراض ذَكَرَهُ العلماء في باب حكم المرتد، وذَكَرَهُ إمام الدعوة شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله الناقض العاشر في رسالته النواقض، قال: الإعراض عن دين الله لا يتعلمه ولا يعمل به.

والدليل على أنَّ الإعراض ناقِضْ من النواقض قول الله - عز وجل - {وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُون} [الأحقاف:٣] ، في أول سورة الأحقاف {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف:٣] ، وكذلك قوله جل جلاله {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء:٢٤] ، ونحو ذلك {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} [فصلت:٤] ، ونحو ذلك من الأدلة.

والإعراض ضابطه أنه لا يتعلم الدين ولا يعمل به، ليس له هِمَّةْ في معرفَةِ توحيدٍ ولا عبادة لا من جِهَةِ العلم ولا من جهة العمل؛ يعني جميعاً، لا من جهة العلم ولا من جهة العمل جميعاً؛ بل لا يهمه الأمر وليس من شأنه هذا الأمر مع تمكنه من ذلك.

مثاله شخص في بلدنا عنده الوسائل كافية، والكتب موجودة، والدراسة موجودة، وأهل العلم موجودين، والخُطَبْ والجُمَعْ، ولا يهتم بهذا أبدا، مُعْرِضْ تماماً؛ مادِّي لا يهتم لا بصلاةٍ ولا بسماع آية ولا بسماع خطبة ولا يتعلم.

هذا هو الذي يكفر بالإعراض، لا يتعلم الدين ولا يعمل به، لا يرفع به رأساً ولا يهمه لا من قريب ولا من بعيد، ولو احتاج خبزاً لمعيشته لذهب وبحث حتى يأتي به، لو احتاج لأمر في بيته لذهب حتى يأتي به، وأما الدين فهو مُعْرِضٌ عنه لا يتعلم ولا يعمل، فهذا هو ضابط الإعراض.

لا يبحث عن علم ولا يهتم به -يعني في توحيد الله - عز وجل - وفي بيان الواجب ومعرفة ما أنزل الله - عز وجل -- ولا يهتم بالعمل جميعا؛ يعني علم وعمل لا يهتم بهما.

أما إذا كان عنده علم ولم يعمل أو كان عنده عمل ولا يعلم هذا لا يُسَمَّى مُعْرِضَاً.

وتطبيقها على المُعَيَّنْ صعب جداً، فلان مُعْرِضْ تماماً.

غالب أهل القبلة بل لا يوجد أحد من أهل القبلة يعني من يَصِحْ ممن شهد أن لا إله إلا الله أو عنده انتساب أنه لا يهتم أصلاً، مُعْرِضْ تماما.

لكن قد يكون أحياناً تأتي دعوة للتوحيد مثل ما حصل في وقت إمام الدعوة، يعني أناس يرون جهاد قائم ودعوة ومُجَادَلَة ومجاهدة باللسان ومجاهدة بالسنان، وهو لا يهتم، لا يسأل، يقول أنا ما علي منهم ولا عَلي من هذا الدين، ولا يعني لنفسه؛ يعني مادي.

يمكن أنك تُلَخِّصْهَا المُعْرِضْ هو المادي البحت، لا يتعلمه ولا يعمل به.

س٣/ قال بعضهم: إنَّ جُلْ السلف الصالح كانوا من الصوفية، فهل هذا صحيح؟

ج/ الصوفية ما نشأت إلا في القرن الثاني الهجري؛ يعني بعد سنة مائة وخمسين (١٥٠) كَنِحْلَةْ بَدَأَتْ تتأطر في عُزْلَةْ وأَوْرادْ وأشياء.

والسلف الصالح القرون الثلاثة المفضلة الصحابة والتابعون وتبع التابعين.

فهذا الكلام الرد عليه من جهات كثيرة؛ لكن ليس كلاماً ذا بال.

س٤/ ذكرت في الدرس السابق الخلاف في تعريف الإيمان وأنَّ الخلاف صوري من وجه وحقيقي من وجه آخر، أرجو إعادة هذه النقطة وذلك لأهميتها؟

ج/ ذكرنا لكم أنَّ عدداً من أهل العلم قالوا: إنَّ الخلاف صوري أو لفظي يعني، غير معنوي وغير حقيقي. وذكرنا أنَّ هذه المسألة لها جهتان:

الجهة الأولى: جهة الحكم.

والجهة الثانية: جهة امتثال الأوامر العلمية والعملية.

<<  <   >  >>