[المسألة الثانية] :
خلاصة الكلام على هذه الأركان السّتة بحيث يمكنك معه أن تُقَرِّرْ حقيقة الإيمان وعقيدة السلف فيما يتصل بهذه الأركان الستة.
١- أولاً الإيمان بالله:
الإيمان بالله ثلاثة أقسام:
@ إيمان بالربوبية: يعني إيمان بأنَّ الله واحد في ربوبيته، في تدبيره لهذا الملكوت، وفي رجوع كل شيء إليه.
@ إيمان بالألوهية: يعني بأنَّ الله واحد في استحقاقه العبادة، ولا أحد معه يستحق شيئا من العبادة.
@ إيمان بالله في أسمائه وصفاته: يعني بأنَّ الله واحدٌ في أسمائه وصفاته ليس له مثيلٌ ولا ند وليس له كُفُو وليس له سَمِيٌ في أسمائه وصفاته من جهة الكيفية ومن جهة تمام المعنى وشمول ما دلّ عليه الاسم والصفة من المعنى.
٢- ثانياً الإيمان بالملائكة:
الإيمان بالملائكة إيمانٌ بأنهم موجودون، وهذا الإيمان فيه إجمال وتفصيل، وكلُّ من عَلِمَ شيئاً مما جاء في الدليل من كتاب الله جل جلاله أو في سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم الصحيحة فإنه يجب إيمانه به، كما ذكرنا لك سابقاً أنَّ القَدْرَ المجزئ للإيمان بالملائكة الإيمان بوجود الملائكة، وأنهم عُبَّادْ لله - عز وجل - لا يُعبَدُون.
٣- ثالثاً الإيمان بالكتب:
وهو الإيمان بكل كتاب أنزله الله - عز وجل - ما عَلِمْنَا منه وما لم نعلم، إيماناً إجماليا في المجملات -يعني فيما لم نعلم- وتفصيلياً فيما وقفنا على اسمه من كتب الله - عز وجل -.
٤- رابعاً الإيمان بالرسل:
الإيمانبالرسل أيضاً على نفس المنوال؛ إيمانٌ بأنَّ الله - عز وجل - أرسَلَ رُسُلاً وأيّدهم بالبراهين والآيات والمعجزات، وجعلهم هُدَاةً إلى الحق دالّين عليه، وهم كثير منهم من قُصَّ علينا ومنهم من لم يُقَصَّ علينا، فتؤمن بهم إجمالا ونؤمن بهم تفصيلا فيما بلغنا تفصيله.
هذه كلها جمل سبق الكلام عليها مُفَصَّلاً -تذكرون- في مواضعها.
٥- خامساً الإيمان باليوم الآخر:
القَدْرْ المُجْزِئْ منه أن يؤمن العبد ويوقن ويُصَدِّقْ بأنَّ هناك يوماً يبعث الله فيه العباد فيجزي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، ثُمَّ تحته مباحث كثيرة من الحال في البرزخ، ثم ما بعد النفخة الأولى، ثم ما بعد النفخة الثانية، ثم اجتماع الناس في العَرَصَات -عرصات القيامة-، ثم الحوض، ثم الصحف، ثم الميزان والصراط والظُلْمَة والنار والجنة والحساب والاقتصاص وانقسام الناس كل ما في القرآن من ذلك.
واليوم الآخر كثيرٌ تفاصيله في القرآن جداً، وكذلك في السنة كثيرٌ تفاصيله.
ويمكن أن يضبطه طالب العلم من جهة التفصيل بأن يُرَتِّبَ ما جاء فيه من الأدلة في القرآن أو في السنة، يرتبها في قلبه من حين نفخة البعث إلى دخول أهل الجَنة الجنة ودخول أهل النّار النار.
تُرَتِّبْ ما يحدث على مراحل:
النفخة، ما يحصل بعدها، مسير الناس، كيف يجتمعون، ما يحصل أثناء اجتماعهم بما جاء في الأدلة، ثم بعد ذلك ما هي الأشياء التي تحصل تباعاً شيئاً فشيئاً وتفاصيل ذلك إلى دخول أهل الجنة الجنةَ وأهل النار النارَ، وسيأتي تفصيلٌ للكلام على اليوم الآخر إن شاء الله تعالى في آخر هذه العقيدة المباركة.
٦- سادساً الإيمان بالقدر:
ذكرنا لك أنَّ مراتب الإيمان بالقدر أربع، وأنه يجب على العبد والقَدْرْ المجزئ من الإيمان به أن يعلَمَ أنَّ كل شيء يحصل إنما هو بإذن الله وبمشيئته وبعلمه، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأن الرب جل جلاله قَدَّرَ كل شيء إجمالاً وتفصيلاً.
الإيمان بالقدر كما ذكر قال (وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، وَحُلْوِهِ وَمُرِّهِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى) والخير والشر والحلو والمر في القَدَرْ المقصود بها ما يضاف للعبد من القَدَرْ -يعني المقدور- فالقَدَرْ له جهتان:
- جهة صفة الله - عز وجل - وفعل الله - عز وجل -: وهذه مرتبطة بعددٍ من صفات الرب جل جلاله: أولها العلم، والثاني الكتابة والمشيئة والخلق والحكمة وهي وضع الأمور مواضعها اللائقة بها الموافقة للغايات المحمودة منها، والعدل في حُكْمِهِ - عز وجل - القدري وهو وضع الأمور والمقادير في مواضعها، هذه جهَةٌ تتعلق بالله جل جلاله.
- جهة تتعلق بالعبد: وهي المقدُورْ، وقوع المقدور وقوع المُقَدَّر عليه، وقوع القَدَرْ عليه أو حصول القَدَرْ وهذه تسمى المقدُور، وتسمى القضاء كما أسلفنا لكم في الفرق ما بين القَدَرْ والقضاء. هذا المُقَدَّر هو الذي ينقسم إلى خير وشر وإلى حلو ومر.
أما الجهة الأولى وهي صفة الله - عز وجل - فليس فيها شر؛ بل كلها خير؛ لأنَّ الله - عز وجل - طيبٌ ولأنه سبحانه ليس في أفعاله إلا الجميل والخير وما يؤولُ إليه فِعلُهُ وقَدَرُهُ هوالحكمة وما ينبغي أن تكون الأمور عليه.