وهذا يعني أنَّ العبد يفعل ولا يُنْفَى عنه الفعل؛ بل هو يفعل ويعمل، وأفعاله صدرت منه، وهو الذي فَعَلَهَا وهو الذي اختارها وهو الذي أنتجها بإرادته وقدرته، وأمَّا نتيجة الفعل-يعني مع اجتماع الأسباب: القدرة والإرادة إلى آخره- فالله - عز وجل - هو الذي خَلَقَ الفعل. وهذا يخالف مذهب القَدَرِيَّة الذين يقولون إنَّ العبد يخلق فعل نفسه. وقوله (خَلْقُ اللَّهِ، وَكَسْبٌ مِنَ الْعِبَادِ) يعني فِعْلْ وعَمَل من العباد، فالعبد يُنْسَبُ إليه الفعل ولا يُنْسَبُ إليه خلق الفعل. فهو يفعل حقيقة، والله - عز وجل - هو الخالق لفعله. ودليل ذلك لأهل السنة والجماعة قول الله - عز وجل - {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر:٦٢] ، وقال أيضاً - عز وجل - {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة:٢٨٦] ، وقال - عز وجل - {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] . إذاً فإثبات عمل العبد وكسب العبد وأنَّهُ هو الذي حَصَّلْ الفعل هذا واضح، وكذلك إثبات أنَّ الله - عز وجل - خلق كل شيء، هذا دليل هذه المسألة. ونذكر عدة مسائل تفصيلية: