أنّ قوله (وَلا شَيْءَ يُعْجزُهُ) كما ذكرتُ لك من أفراد توحيد الربوبية.
والتمثيل عن العام ببعض أفراده في التوحيد صحيح؛ لأنَّ دِلالة الخاص على العام مؤكَّدةٌ واضحة لا يمكن أن تخرج دلالة الخاص عن الأمر الكلي العام.
ولهذا يجيء الإثبات مفصلا كما ذكرنا لأجل أنَّ الإثبات العام لله - عز وجل - في جميع الصفات حق، فيُثْبَتُ في كل موضع بحسبه.
فمن مثَّل في موضع ببعض أفراد الربوبية، فإن تمثيله لذلك حق وإنْ لم يُمَثِّل بجميع أفراد الربوبية، بخلاف الأسماء والصفات فإنَّ الأسماء والصفات تُمَثِّل عليها بأنواعها.
أهل السنة إذا ذكروا الأسماء والصفات تمثيلاً في هذا المقام فإنهم يذكرون تلك الأسماء والصفات والأفعال التي تدل على أنواع الصفات.
فيذكرون مثالاً للصفات الذاتية، ومثالاً للصفات الاختيارية، ومثالاً للصفات الفعلية حتى يكون ذلك عامّا لأجل أن لا يشترك أهل السنة مع أهل البدع في التعبير.
فإذا أتى مثلا في إثبات الصفات لا يقولون إننا نثبت صفات الرب - عز وجل - كالحياة والقدرة والسمع والعلم والبصر والإرادة والكلام ويسكتون، لأنَّ هذه السبع هي التي أثبتها الكُلَّابِيَّة والأشاعرة وطائفة، ولا يقولون نثبت الحياة والكلام لله والسمع والبصر ويسكتون، ولكن يذكرون هذا وهذا، فإذا ذكروا هذه السبع يقولون أيضا معها فهو سبحانه سميع بصير أو موصوف بالسمع والبصر والقدرة والكلام والإرادة والحياة والاستواء والنزول والرحمة والغضب والرضا فيجمعون -والوجه واليدان، إلى آخره- فذكر الصفات ما جرى عليه الاتفاق وما لم يجرِ عليه الاتفاق - يعني بينهم وبين أهل البدع - تمييزًا لقول أهل السنة عن غيرهم.
وأما في الربوبية لأجل أنه لم يَجْرِ فيها الخلاف فإنه يسوغ أن يمثل لها ببعض أفرادها.