س٩/ في سورة التكوير {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} [التكوير:١] إلى آخره، هل هذه الآيات بعد البعث وقيام أهل القبور أم قبله؟ وكيف الجمع مع قوله {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} [التكوير:٤] ؛ {الْعِشَارُ} معناها الإبل التي قَرُبَ حملها، فهل هي لم تتم أم ماذا؟
ج/ الجواب أنَّ هذه التغيرات التي تحدث في ملكوت الله - عز وجل - في الأرض وفي السماء وتفجير البحار وانشقاق السماء وما يحدث مما في القرآن كثير أو ذكر كثير من الآيات في هذا الباب.
هذا على الصحيح أنه يحدث بين النفختين، بين النفخة الأولى التي هي نفخة الصعق والنفخة الثانية التي هي نفخة البعث، فبين النفختين تحدث هذه الأشياء والنبي صلى الله عليه وسلم صح عنه أنه قال «مَا بَيْنَ النّفْخَتَيْنِ أَرْبَعُونَ» (١) قَالُوا: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَرْبَعُونَ يَوْماً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قَالُوا: أَرْبَعُونَ شَهْراً؟ قَالَ: أَبَيْتُ. قال النبي صلى الله عليه وسلم «وكل شيء يَبْلَىَ من ابن آدم إلا عَجْبُ الذّنَبِ وَمِنْهُ يُرَكّبُ الْخَلْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» ؛ وذلك لأنَّ السماء تُمْطِرُ يوم القيامة في هذه الأربعين مطرَاً كمني الرّجال، مُشَبَّهْ بذلك، تنبت منه أجساد الناس،، فإذا نبتت الأجساد وانشقت الأرض وأخرجت أثقالها؛ يعني من المدفونين، في هذه الفترة الأرض تغيرت، الجبال سُيَّرَتْ والسماء تغيرت وبُدِّلَتْ الأرض غير الأرض والسماوات، يعني صار الأمر أمراً جديداً ليس هو المألوف، لا الأرض هي الأرض، ولا السماء هي السماء، السماء الآن تستعد لنزول الله - عز وجل - لفصل القضاء، والأرض كذلك، فيستوي من دُفن وراء الجبال ومن دفن في ساحل البحر، كلهم يستوون، الأرض سيرت جبالها وتغيرت، فيسيرون سيراً واحداً.
ثم بعد ذلك ينفخ الله - عز وجل - في الصور نفخة البعث فتتطاير الأرواح، فتهتز الأجساد بالأرواح حية، ثم ينظرون يتلفّتون؛ لأنَّ الأرض مختلفة، كما قال سبحانه {ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ} لأنه انشقت بها الأرض {يَنْظُرُونَ} [الزمر:٦٨] يعني ينظرون ما حولهم، ويكرم الله - عز وجل - أهل الإيمان بأن يأتي لهم بجوار قبورهم بجوار أمكنتهم بنَجَائِبَ من نور من الجنة فيحشرهم إليه وفداً لا يتعبون في السير إلى أرض المحشر، وهذه أول البشائر لهم، ويُذل الله - عز وجل - أهل الكفر بأن يجعلهم يحشرون ويساقون إلى جهنم، وهذا معنى قوله تعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} [مريم:٨٥] ، الوفد في اللغة هم الراكبون يقدمون راكبين مكرمين، {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم:٨٦] ، والعياذ بالله.
فهذا بعض ما يتعلّق بهذه المسألة.
وهذه لابد أنك تعرفها، طالب العلم من المهم أن يعرف في إيمانه باليوم الآخر ماذا يحدث من حين الوفاة إلى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، حتى ما بعد ذلك ما الذي يحصل.
لا بد تعرف، نفخ في الصور، نفخة البعث، نفخة الصعق قبل ذلك، ما الذي يحصل؟ ثم نفخة البعث ما الذي يحصل بعدها، سِيْقُوا، ترتيب الأشياء.
في عرصات القيامة، ما الذي يحصل أول؟ الميزان أول، أم الحوض أول، ولا تطاير الصحف، يعني كل هذه الأشياء التي هي من جملة الإيمان باليوم الآخر لابد من أن يتعلّمها طالب العلم، فتكون عنده مرتبة من إحياء الله - عز وجل - الموتى إلى دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، وهي مرتبة في كتب أهل العلم وإذا كانت غير مرتبة فرتّبها.
وإذا فهمتها فهما جيدا فإذاً يكون بعد ذلك فهم القرآن ومعرفة تفسيره ومعرفة دلالات الآيات في ذلك واضحة في ذهنك مرتبة، إذا جاء مثلاً تطاير الصحف متى يكون؟ واضح زمنه عنك، إذا جاء عدم الكلام، {الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ} [يس:٦٥] متى يكون ذلك؟ واضح عندك أيضا، وهكذا.
فيتعلم المرء بذلك العقيدة وعلم الجزاء، وهذا من العلوم الثلاثة المهمة لأنَّ العلوم النافعة ثلاثة -العلوم الشرعية- التوحيد والفقه وعلم الجزاء اليوم الآخر وهذا هو الذي ذكره ابن القيم في النونية حيث يقول:
والعلم أقسام ثلاث مالها ****** من رابع والحق ذو تبيانِ
علم بأوصاف الإله وفعله ****** وكذلك الأسماء للديانِ
والأمر والنهي الذي هو دينه ****** وجزاؤه يوم المعاد الثاني
والكلُّ في القرآن والسنن التي ****** جاءت عن المبعوث بالفرقان
س١٠/ هل من كلام حول من قال إنه يوجد في القرآن مجاز.
ج/ الله المستعان، هذه المسألة طويلة ذكرناها لكم الظاهر مراراً، الكلام عليها يطول جداً.
س١١/ هل هناك فرق بين الأمر والقَدَرَ؟
ج/ ما فيه شك، الأمر أعم.
(١) البخاري (٤٨١٤) / مسلم (٧٦٠٢)