فإذاً تتوجه القلوب في الدعاء ويتوجه المرء في عباداته إلى الله - عز وجل - وحده، ويعلم أنَّ من توجَّهَ إليه الخلق بالعبادة وألَّهُوهُ من دون الله - عز وجل - هم كما وصفهم الله - عز وجل - بقوله {أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ (١٩١) وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ} [الأعراف:١٩١-١٩٢] ، وقال - عز وجل - في وصفهم يعني في وصف الآلهة {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (٥) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء} [الأحقاف:٥-٦] ، وفي قوله - عز وجل - {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً (٥٦) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا} [الإسراء:٥٦] ، فالآلهة المختلفة مُحْتَاجَةْ ذليلة إلى الرب - جل جلاله -، لا تملك لأنفسها شيئاً من الضر ولا النفع، فإذاً وجب التوجه إلى الله - عز وجل -.
٣- ثالثاً: توحيد الأسماء والصفات:
هذه الكلمة العظيمة فيها توحيد الأسماء والصفات عن طريق التّضمُّنْ واللُّزُومْ؛ لأنَّ وصف الله - عز وجل - هنا بأنَّهُ القوي القدير - جل جلاله - يتضمن إثبات صفات الكمال التي تقتضي أنَّهُ لا انتقالَ من حالٍ إلى حال إلا به، فهل ينتقل المرء من حالٍ إلى حال إلا برحمته، هل يستقيم في حياته إلا بهدايته؟ هل يستقيم في أموره إلا بقدرته - عز وجل - وبرحمته وبعفوه وبمغفرته وبعدله إلى آخر الصفات؟
فإذاً هذه الكلمة مُتَضَمِّنَة ويلزم أيضاً من إثباتها إثبات أنواع من الأسماء والصفات للرب - جل جلاله -.
فهي كلمةٌ عظيمة جليلة لذلك كانت من أعظم الكلمات التي هي غراس الجنة ووسيلة إلى الرب - جل جلاله -.