للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثاني: أن يرفعه الله عن قلبه على إرادة نسخ تلاوته، وهو المشار إليه بالاستثناء في قوله تعالى: {سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله}.

فأما القسم الأول فعارض سريع الزوال؛ لظاهر قوله تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون}، وأما الثاني فداخل في قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها} على قراءة من قرأ بضم أوله من غير همزة (١).

وفيه: حجة لمن أجاز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم فيما ليس طريقه البلاغ مطلقًا، وكذا فيما طريقه البلاغ.

قال النووي رحمه الله: ((قوله صلى الله عليه وسلم كُنْتُ أُنْسِيتُهَا دليل على جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم فيما قد بلَّغه إلى الأمة، وقد تقدم في باب سجود السهو الكلام فيما يجوز من السهو عليه صلى الله عليه وسلم وما لا يجوز، قال القاضي عياض رحمه الله: جمهور المحققين جواز النسيان عليه صلى الله عليه وسلم ابتداء فيما ليس طريقه البلاغ، واختلفوا فيما طريقه البلاغ والتعليم ولكن من جوز قال: لا يُقَرُّ عليه، بل لا بد أن يتذكره، أو يذكره)). (٢)

تنبيه: ما جاء في حديث: ((مَا مِنَ امْرِئٍ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ يَنْسَاهُ إِلَّا لَقِيَ اللَّهَ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَجْذَمَ)) (٣) فهو حديث ضعيف، والإنسان من طبيعته النسيان، لكن لا ينبغي للإنسان أن يهمل ما حفظه؛ لأن هذا من التفريط في خير كثير.

مسألة: قول الله تعالى: {نسوا الله فنسيهم}، وقوله: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُم} المراد: بالنسيان هنا: نسيان الترك، وهو الإعراض عن العمل.

وهذا لا ينافي ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله في أول الأمر، حينما يأتيه جبريل


(١) حجة القراءات، لابن زنجلة (ص ١٠٩).
(٢) شرح مسلم، للنووي (٦/ ٧٦ - ٧٧).
(٣) أخرجه أبو داود (١٤٧٤)، والدارمي (٣٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>