[٢٥٨٧] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ حُجْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنُونَ: ابْنَ جَعْفَرٍ- عَنِ الْعَلَاءِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ)).
قوله:((الْمُسْتَبَّانِ مَا قَالَا فَعَلَى الْبَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ الْمَظْلُومُ)): المعنى: إذا حصل سباب بين اثنين فإن الإثم على الساب الأول؛ لأنه هو الظالم، والثاني مظلوم، إلا إذا اعتدى المظلوم فإنه يناله الإثم، وأما إذا ردَّ الثاني السبة بسبة مثلها فهذا قصاص وانتصار، وهذا حق له؛ لقول الله تعالى:{وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ}، ولقوله تعالى:{وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ}.
مثال ذلك: إذا قال شخص لشخص: لعنك الله، فقال الثاني: لعنك الله أنت، فالإثم على الأول؛ لأنه البادئ، والثاني مظلوم انتصر لنفسه واقتص لها، ليس عليه شيء إلا إذا زاد في سبه، وقال: لعنك الله وأخزاك، فزاد على كلامه، فهذا ظلم، أما إذا رد السبة بسبة مثلها من دون تكرار ومن دون زيادة فهذا انتصار واقتصاص، ومع ذلك فالأفضل أن يعفو ولا يرد السبة بمثلها؛ لقول الله عز وجل:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ}، ولقوله سبحانه:{فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}، وقوله في الحديث الذي بعده:((وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عزًّا)).