وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرٍ، فَتَنَزَّهَ عَنْهُ نَاسٌ مِنَ النَّاسِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَغَضِبَ حَتَّى بَانَ الْغَضَبُ فِي وَجْهِهِ، ثُمَّ قَالَ:((مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْغَبُونَ عَمَّا رُخِّصَ لِي فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنَا أَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ، وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً)).
هذا الحديث فيه: فضل النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه أعلم الناس بالله وأخشاهم له.
وفيه: أنه عليه الصلاة والسلام لم يذكرهم بأعيانهم، وإنما يقول: ما بال رجال، فلا يجرح شعور واحد بعينه، ولا يأتي باسمه، وإنما يذكره بوصفه، فيقول: ما بال أقوام فعلوا كذا وكذا؟ وهذا من حسن خلقه عليه الصلاة والسلام.
وفيه: أن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لمسلم أن يتورع عنه، ولا أن يتنزه عنه، أو يكون في نفسه شيء منه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أورع الناس وأتقاهم وأخشاهم لله، فهو صلى الله عليه وسلم الأسوة، إلا إذا كان هذا الشيء من خصائصه عليه الصلاة والسلام.