للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ فِيمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ

[٢٦٢٧] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ طَالِبُ حَاجَةٍ أَقْبَلَ عَلَى جُلَسَائِهِ، فَقَالَ: ((اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا، وَلْيَقْضِ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا أَحَبَّ)).

[خ: ١٤٣٢]

في هذا الحديث: الحث على الشفاعة، وأنها من أسباب الأجر، وهذا إذا كانت الشفاعة بحق، وكان المشفوع له مستحقًّا للشفاعة، فإن الشافع يكون مأجورًا سواء تحققت الشفاعة أو لم تتحقق؛ ولذلك شفع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بريرة رضي الله عنها أن ترجع إلى زوجها مغيث رضي الله عنه لما أُعتِقت، وكان زوجها مغيث عبدًا، وهي صارت حرة، فصار لها الخيار في أن تبقى، أو أن تنفسخ منه، وكان زوجها مغيثًا يحبها كثيرًا، وكان يطوف بالأسواق ودموعه على خديه، يريدها وهي لا تريده، وهذا من العجب! هو يحبها وهي تكرهه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حاله رقَّ له، وتوسط له، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لَوْ رَاجَعْتِهِ)): قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ تَأْمُرُنِي؟ قَالَ: ((إِنَّمَا أَنَا أَشْفَعُ)): قَالَتْ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ)) (١)، ولم تقبل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، فالشافع يؤجر سواء تحقق الطلب، أو لم يتحقق.

وقوله: ((اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا)): هذا إذا كانت الشفاعة بحق لمستحق، أما أن يشفع بالباطل فلا، وهي شفاعة سيئة، قال الله تعالى: {من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها}، فإذا شفع شفاعة سيئة فهو آثم، وذلك كأن يشفع لشخص في وظيفة وهو ليس بأهل لها، فهذه شفاعة سيئة وهذا غاش للمسلمين، أو يشفع لشخص يعطى


(١) أخرجه البخاري (٥٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>