للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بَابُ بَيَانِ أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى الْكُفْرِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَلَا تَنَالُهُ شَفَاعَةٌ وَلَا تَنْفَعُهُ قَرَابَةُ الْمُقَرَّبِينَ

[٢٠٣] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ أَبِي؟ قَالَ: ((فِي النَّارِ))، فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ، فَقَالَ: ((إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)).

هذا الحديث فيه: دليل على أن من مات على الشرك لا حيلة فيه، وأنه لا تنفعه قرابته من الأنبياء؛ ولهذا فإن إبراهيم عليه السلام ما نفع أباه، كما ورد ((يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ، فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لا تَعْصِنِي، فَيَقُولُ أَبُوهُ: فَاليَوْمَ لا أَعْصِيكَ، فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِيَنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ، فَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الأَبْعَدِ؟ فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: إِنِّي حَرَّمْتُ الجَنَّةَ عَلَى الكَافِرِينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا إِبْرَاهِيمُ، مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ؟ فَيَنْظُرُ، فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُلْتَطِخٍ، فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ، فَيُلْقَى فِي النَّارِ)) (١)، والذيخ الملتطخ هو: ذَكَرُ الضبع الكثير الشعر متلطخ بالرجيع أو بالطين أو بالدم، مسخه الله عز وجل، حتى تزول الرقة التي في قلب إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

وكذلك نوح عليه السلام كان ولده كافرًا، قال: {يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين}، فلما راجع نوح ربه {قال رب إن ابني من أهلي}، فقال الله له: {إنه ليس من أهلك}، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم لن ينفع عمَّه أبا طالب في الآخرة، وأبو طالب كان يحميه وينصره في الدنيا، ولا حيلة للنبي صلى الله عليه وسلم فيه في الآخرة، قال: ((أَمَا وَاللَّهِ


(١) أخرجه البخاري (٣٣٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>