للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ)) (١) فَنُهِيَ عَن ذلك.

ولم ينفع لوطٌ ونوحٌ عليهما السلام زوجتيهما، قال تعالى: {وضرب الله مثلًا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئًا وقيل ادخلا النار مع الدخلين}.

كما أن قرب آسيا امرأة فرعون من فرعون لم يضرَّها لما تبرأت منه ومن دينه، قال الله تعالى: {وضرب الله مثلًا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابني لي عندك بيتًا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين}.

وكذلك هنا لما سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ وقال: أين أبي؟ قال: ((فِي النَّارِ))، فكأنما صار في نفس هذا الرجل شيء، فدعاه، فقال له: ((إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ))؛ وذلك لأنه مات في الجاهلية، فهذا محمول على أن دعوة إبراهيم عليه السلام قد بلغتهم؛ ولهذا قال: ((إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ))، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن ابن جدعان، وكان رجلًا في الجاهلية له جفنة عظيمة، يُطعمها الناسَ، فهل ينفعه ذلك؟ قال: ((لا يَنْفَعُهُ، إِنَّهُ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا: رَبِّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) يعني: لم يؤمن بيوم القيامة.

أما من لم تبلغه الدعوة من أهل الجاهلية فالصواب الذي عليه أهل العلم أنهم يمتحنون يوم القيامة، وذهب إلى ذلك أبو العباس ابن تيمية رحمه الله (٢)، وابن القيم رحمه الله (٣) وأنه يجرى لهم امتحان، وهناك من أهل الفترة من طلب دين إبراهيم عليه السلام ومات على التوحيد، مثل: قس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو بن نفيل، ويقابلهم من بلغته الدعوة، وقامت عليه الحجة، فهؤلاء يصح فيهم حكم: ((إِنَّ أَبِي وَأَبَاكَ فِي النَّارِ)).


(١) أخرجه البخاري (١٣٦٠)، ومسلم (٢٤).
(٢) الجواب الصحيح، لابن تيمية (٢/ ٢٩٨).
(٣) طريق الهجرتين، لابن القيم (ص ٣٩٦)، أحكام أهل الذمة، لابن القيم (٢/ ١١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>