قوله:((وَإِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ)) النذير العريان أصله: أن رجلًا أراد أن ينصح قومه وكان بعيدًا عنهم، وقد رأى العدو فأراد أن يحذرهم من بُعد، فخلع ثوبه وجعل يلوح به ليحذرهم وينذرهم، فأطاعه بعضهم فأدلجوا وهربوا فنجوا، وكذبه آخرون، فصبحهم العدو واجتاحهم فأهلكهم.
وهذا الحديث فيه: مثل آخر ضربه النبي صلى الله عليه وسلم لمن أطاعه فسعد، ومن عصاه فشقي، وهو أن ناصحًا نصح قومه وحذرهم من اجتياح العدو لهم، وقال لهم: إني رأيت العدو بجيشه قد أقبل عليكم، وقال: إني أنا النذير العريان، والنبي صلى الله عليه وسلم لا شك أنه النذير، والله تعالى يقول:{وأنذر عشيرتك الأقربين}، وكل نبي أنذر قومه، ومن ذلك: قول الله تبارك وتعالى- عن نوح عليه الصلاة والسلام-: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ}.