للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: ((النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ يَقْرَأُ بِهِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)): النظائر، يعني: المتقاربات، فكل واحدة نظيرة للأخرى، ومتقاربة في الطول، وجاء في تفسيرها أنه: يجمع بين ((الحاقة))، و ((المرسلات))، وبين ((الذاريات))، و ((النجم)) و ((الرحمن)).

وقيل: المفصل من أول ((الحجرات) وقيل: من أول ((ق))؛ لأن السور قصيرة.

قال أوس بن حذيفة رحمه الله: ((سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل وحده)) (١).

يعني: يقسمونه في صلاتهم، فكان في الأول ثلاث سور، ثم خمس، ثم سبع، ثم تسع، ثم إحدى عشرة، ثم ثلاث عشرة، وبعدها تصل إلى حزب المفصل، من أول ((ق))، فيختم القرآن في سبعة أيام، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: ((فَاقْرَأْهُ فِي سَبْعٍ، وَلَا تَزِدْ عَلَى ذَلِكَ)) (٢).

وفي هذا الحديث: بيان وجه من وجوه الاختلاف في القراءة، كقوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ}، و ((مِنْ مَاءٍ غَيْرِ يَاسِنٍ)).

وفيه: أن من الناس من إذا قرأ القرآن لا يجاوز ترقوتيه، والترقوة: هي عظم الكتف، وممن اتصف بذلك الخوارج، وهم قوم ذوو عقيدة خبيثة، يكفرون الناس بالمعاصي، وحملوا نصوص وآيات الكفر على العصاة الموحدين، فصاروا يقاتلون أهل الإسلام، ويتركون أهل الأوثان، ولهم مع هذا عبادة عظيمة، يصلون الليل، ويصومون النهار، ويقرؤون القرآن، ولكن ((لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ))؛ لخبث عقيدتهم، و ((يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ


(١) أخرجه أحمد (١٦١٦٦)، وأبو داود (١٣٩٣)، وابن ماجه (١٣٤٥).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٥٤)، ومسلم (١٠٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>