للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العصر، ولم يصلها إلا بعد غروب الشمس، ثم صلى بعدها المغرب، وثبت في سنن النسائي- أيضًا-: ((أنَّ الْمُشْرِكِينَ شَغَلُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَرْبَعِ صَلَوَاتٍ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَأَمَرَ بِلَالًا، فَأَذَّنَ ثُمَّ أَقَامَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ)) (١).

وثبت- أيضًا-: أن عمر رضي الله عنه جعل يسب المشركين، وقال: يا رسول الله، شغلونا عن الصلاة، ما كدت أن أصليها حتى غربت الشمس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((مَا إِنْ صَلَّيْتُهَا بَعْدُ)): فتوضأ، وصلاها بعد المغرب، فقال صلى الله عليه وسلم: ((مَلَأَ اللَّهُ قُبُورَهُمْ وَبُيُوتَهُمْ نَارًا، كَمَا حَبَسُونَا وَشَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى، حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ)) (٢): يعني: العصر.

قال الجمهور من العلماء: إن هذا قبل أن تشرع صلاة الخوف، ثم شرعت صلاة الخوف بعد ذلك، فكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤخر الصلاة عن وقتها، وإنما يصليها في وقتها على إحدى الصفات الواردة.

وذهب المحققون من أهل العلم إلى أنه قد تؤخر الصلاة عن وقتها، ولو بعد شرعية صلاة الخوف، إذا لم يتمكن المسلمون من صلاتها في الوقت، وكما قال ابن عمر رضي الله عنهما هنا: ((فَصَلِّ رَاكِبًا، أَوْ قَائِمًا))، ويصلون كلٌّ وحْدانًا، ولا يصلون جماعة، بل يصلون ركبانًا أو مشاة، ويومئون إيماءً، فإذا تمكنوا من صلاتها جماعة صلوا، وإذا لم يتمكنوا صلى كل واحد وحده، وقال بهذا البخاري رحمه الله وجماعة من المحققين (٣).

واستدلوا على هذا بفعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم لما فتحوا تُسْتَر، حضرت صلاة الفجر ولم يتم الفتح، والمجاهدون منهم من هو على الأبواب ومنهم من هو على الأسوار، ورأوا لو أنهم صلوا


(١) أخرجه الترمذي (١٧٩)، والنسائي (٦٥٦).
(٢) أخرجه مسلم (٦٢٧).
(٣) صحيح البخاري (٢/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>