للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه: مشروعية التكبير، والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله، والصلاة والصدقة، وعتق الرقاب.

وقوله: ((يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، إِنْ مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرَ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِيَ عَبْدُهُ، أَوْ تَزْنِيَ أَمَتُهُ)): إن نافية، بمعنى: ما، يعني: ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته، أي: أن الإنسان الذي عنده غيرة إذا رأى عبده يزني، أو أمته غار عليهما، فالله تعالى أغير منه، كما جاء في الحديث الآخر لما قال سعد بن معاذ رضي الله عنه: ((لَوْ رَأَيْتُ رَجُلًا مَعَ امْرَأَتِي لَضَرَبْتُهُ بِالسَّيْفِ غَيْرَ مُصْفَحٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ؟ لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي)) (١).

وفيه: إثبات الغيرة لله عز وجل، والغيرة من الصفات الفعلية على ما يليق بجلاله وعظمته سبحانه، فهو عز وجل لا يشابه المخلوقين في صفاتهم؛ خلافًا للجهمية، والأشاعرة، الذين أنكروا وصف الله تعالى بالغيرة وبالصفات الفعلية.

وقوله: ((يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَلَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا) يعني: لو تعلمون ما أعلم ما عند الله من العقوبة للعاصي، ومن الشدائد التي في يوم القيامة لبكيتم كثيرًا، ولضحكتم قليلًا.

وفيه: الرد على من عبد الشمس والقمر من دون الله؛ ولهذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ يُكَوَّرَانِ فِي النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) (٢)، وقال تعالى: {إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ}، وهذا زيادة في النكال بالكفرة الذين عبدوا الشمس والقمر- نسأل الله العافية والسلامة.

والشمس والقمر آيتان من آيات الله، مسخَّرات، ليس لهما من الأمر شيء، ولا يستحقان شيئًا من العبادة، قال الله تعالى: {ومن آياته الليل


(١) أخرجه البخاري (٥٢١٩)، ومسلم (١٥٠١).
(٢) أخرجه ابن بطة في الإبانة الكبرى (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>