للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٣] حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((غِلَظُ الْقُلُوبِ وَالْجَفَاءُ فِي الْمَشْرِقِ، وَالإِيمَانُ فِي أَهْلِ الْحِجَازِ)).

في هذا الحديث: بيانُ أنَّ الإيمان في أهل الحجاز، والحديث الأول فيه أن الإيمان في أهل اليمن، ولا مانع من أن ينطبق هذا الوصف على أهل الحجاز، وأهل اليمن، ومكة، والمدينة؛ لأن الحجاز من اليمن.

وفيه: أن الفتن تأتي من قِبَل المشرق، وفي اللفظ الآخر: ((أَلَا إِنَّ الْفِتْنَةَ هَا هُنَا)) (١)، وأشار بيده إلى المشرق، حيث يطلع قرنا الشيطان.

والمشرق يشمل: المشرق الأعلى، والمشرق الأدنى.

فأما المشرق الأدنى: فهو نجد، ومنه جاءت الفتن؛ فارتد العرب، وارتدت بنو حنيفة- وهم من نجد-، وخرج منهم مسيلمة الكذاب، وصار لهم شوكة قوية، حتى كسرها أبو بكر ومن معه من الصحابة رضي الله عنهم يوم اليمامة (٢)، وكذلك ارتد طليحة الأسدي، وسجاح وادعيا النبوة وصار لهما أتباع، ولا شك أن هذا من أعظم الفتن.

وأما المشرق الأقصى: فهو العراق وخراسان وما وراءها، وقد حصلت فيها فتن عظيمة، كفتن الفرق الضالة، من الجهمية، والمعتزلة وغيرهما، وكلهم خرجوا من هناك، وكذلك- أيضًا- الدجال يخرج من هناك، ويأجوج ومأجوج، كلهم من جهة المشرق، فكل هذا يشمل فتنة المشرق وداخل فيها.


(١) أخرجه البخاري (٧٠٩٣)، ومسلم (٢٩٠٥).
(٢) السيرة النبوية وأخبار الخلفاء، لابن حبان (٢/ ٤٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>