للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في هذا الحديث: فضل قول: ((إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي فِي مُصِيبَتِي، وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا))، واستحبابه عند المصيبة، والله سبحانه وتعالى وعد الصابرين وبشرهم ببشارة عظيمة، فقال تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}.

وفيه: أن هذا الدعاء دليل على الصبر.

وفيه: أن من قال هذا الدعاء آجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرًا منها، بشرط أن يقوله موقنًا بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، فأم سلمة رضي الله عنها قالته وهي موقنة، لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله، ولكنها قالت في نفسها: ((أَيُّ الْمُسْلِمِينَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟ أَوَّلُ بَيْتٍ هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم))، ولكن لما قالته عوضها الله، فقالت: ((فَأَخْلَفَ اللَّهُ لِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)).

قوله: ((ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي)) يقول شيخ الإسلام: ((هل يجوز وصفه بالعزم؟ فيه قولان:

أحدهما: المنع كقول القاضي أبي بكر، والقاضي أبي يعلى.

والثاني: الجواز، وهو أصح، فقد قرأ جماعة من السلف: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: ١٥٩] بالضم، وفي الحديث الصحيح من حديث أم سلمة: ((ثُمَّ عَزَمَ اللَّهُ لِي)) وكذلك في خطبة مسلم: ((فعزم لي))، وسواء سمي ((عزما)) أو لم يسم فهو سبحانه إذا قدرها علم أنه سيفعلها في وقتها وأراد أن يفعلها في وقتها، فإذا جاء الوقت فلابد من إرادة الفعل المعين ونفس الفعل ولابد من علمه بما يفعله)) (١) .

* * *


(١) مجموع الفتاوى (١٦ - ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>