للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) النصيحة من النصح، والنصح في الأصل: خلوص الشيء وصفاؤه، وأصله مأخوذ من: نَصَحَ الإنسانُ الثوبَ إذا خاطه، ويقال: ذهب خالص إذا لم يكن فيه غش، ويقال: عسل خالص إذا لم يكن فيه شمع (١).

وهذه كلمة عظيمة جامعة، تشمل الدين كله، ككلمة الفلاح، فهي كلمة عامة تشمل خير الدنيا والآخرة؛ ولهذا عممها النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل: ((لِمَنْ) قال: ((لِلَّهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَعَامَّتِهِمْ)).

فالنصيحة لله: بتوحيده، وإخلاص العبادة له، والإيمان به سبحانه وتعالى وبأسمائه وصفاته وأفعاله، وأداء حقه.

والنصيحة لكتاب الله: بالإيمان به، وتلاوته، وتدبره، والعمل بما فيه، وتنفيذ أحكامه، وتصديق أخباره، والاتعاظ بمواعظه.

والنصيحة للرسول صلى الله عليه وسلم: بالإيمان به صلى الله عليه وسلم، وتصديقه عليه الصلاة والسلام في أخباره، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتعبد لله بما شرعه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.

والنصح لأئمة المسلمين: وهم ولاة الأمور، بمحبة الخير لهم، وإسداء النصيحة لهم، وتنبيههم على أمور الخير، وتحذيرهم من أسباب الشر، وتبليغهم المظالم حتى ينصفوا المظلوم من الظالم، وموالاتهم، وعدم الخروج عليهم، فكل هذا من النصح لهم.

وأما النصح لعامة المسلمين: فتكون بأن يحب لهم الخير، ويكره لهم الشر، وبأن يعظ الجاهل، ويطعم الجائع، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، إلى غير ذلك.

والدين إذا أطلق يشمل الإيمان، وهذا هو الشاهد لذكر الإمام مسلم رحمه الله


(١) الصحاح، للجوهري (١/ ٤١١)، القاموس المحيط، للفيروز آبادي (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>