للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم بايع جريرًا رضي الله عنه: ((عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ) أي: على أن يطيع ولاة الأمور في طاعة الله، ولا يخرج عليهم، كما جاء في الحديث الآخر: ((اسْمَعْ وَأَطِعْ وَلَوْ لِحَبَشِيٍّ كَأَنَّ رَأْسَهُ زَبِيبَةٌ)) (١)، وفي حديث آخر لأبي ذر رضي الله عنه: ((إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ، وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ)) (٢)، يعني: في طاعة الله عز وجل، وفي الأمور المباحة، أما المعاصي فلا يطاع فيها أحد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ)) (٣).

وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لقَّن جريرًا رضي الله عنه- بعد أن بايعه على السمع والطاعة لولاة الأمور- كلمةَ: ((فِيمَا اسْتَطَعْتُ))، وهذا القيد لا بد منه؛ لأن الإنسان لا يُكَلَّف إلا ما يستطيع، وقد دل على هذا القيد نصوصٌ أُخَرُ، مثل قوله تعالى: {فاتقوا الله ما استطعتم}، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُم)) (٤).

والولاية إذا أُطلقت قُصد بها الولاية العامة ابتداءً، كولاية الأب والزوج.

فولي الأمر- مطلقًا- يطاع فيما أَمر به من طاعة الله، كما يطاع في المباحات، ولا ينفذ أمره في معصية الله، كما إذا أمر مَن كان تحت ولايته بشرب الخمر، أو بقتل مسلم بغير حق، فإنه لا يطاع؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ)) (٥).


(١) أخرجه البخاري (٦٩٦).
(٢) أخرجه مسلم (٦٤٨).
(٣) أخرجه البخاري (٧٢٥٧)، ومسلم (١٨٤٠).
(٤) أخرجه البخاري (٧٢٨٨)، ومسلم (١٣٣٧).
(٥) أخرجه أحمد (٢٠٦٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>