وقوله:((إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ))، يعني: ديدنه وعادته الكذب في الحديث.
وقوله:((وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ))، أي: دأبه إخلاف الوعد، وعدم الوفاء به.
في هذه الأحاديث: بيان خصال النفاق، فالحديث الأول ذكر أربع خصال، والحديث الثاني ذكر ثلاث خصال، فمجموع الحديثين فيهما ذِكرُ خمس خصال من خصال المنافقين.
وفيها: أن الفجور في الخصومة، والخيانة في الأمانة، والغدر في العهود كذلك من خصال المنافقين، وهي معاصٍ، وهذه المعاصي من النفاق العملي، وهي تجر صاحبها إلى النفاق الأكبر، فمن كانت فيه خصلة منهن كان ذلك دليلًا على ضعف إيمانه، ونقصه، وهذا هو الشاهد من إيراد هذه الأحاديث في كتاب الإيمان.
وقوله:((كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنَ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا))، وقوله:((وَإِذَا كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا)) قال العلماء: المعنى: أن كل واحدة من هذه الخصال معصية، وكذلك إذا اجتمعت، لكن في الغالب إذا اجتمعت هذه الخصال في صاحبها، واستحكمت منه، وكملت فيه- جرَّته إلى النفاق الأكبر، وهو نفاق الاعتقاد، وهو كفر، والعياذ بالله.
والنفاق في الشرع ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: النفاق الأكبر: هو نفاق الاعتقاد، وهو أن يظهر الإنسان الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، ويبطنَ ما يناقض ذلك كله أو بعضه، وهذا هو النفاق الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل القرآن بذم أهله وتكفيرهم، وأخبر أن أهله في الدرك الأسفل من النار.
الثاني: النفاق الأصغر: وهو نفاق العمل، وهو أن يظهر الإنسان علانية صالحة، ويبطن ما يخالف ذلك، وأصول هذا النفاق يرجع إلى الخصال المذكورة في هذه الأحاديث.