وفي هذا الحديث: حُسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه، وعدم انتصاره لنفسه.
وفيه: أن هذا الأعرابي أساء بالقول، والفعل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فأساء بالفعل أولًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المعاملة السيئة، ثم بالقول بقوله:((يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ))، ومع ذلك فلم ينتصر النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه، وهذا من تواضعه عليه الصلاة والسلام، بل التفت إليه- وهو يضحك- وأمر له بعطاء، ولم يعامله عليه الصلاة والسلام بمقتضى جفائه وغلظته.
[١٠٥٨] حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةً، وَلَمْ يُعْطِ مَخْرَمَةَ شَيْئًا، فَقَالَ مَخْرَمَةُ: يَا بُنَيَّ انْطَلِقْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ قَالَ: ادْخُلْ فَادْعُهُ لِي قَالَ: فَدَعَوْتُهُ لَهُ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ مِنْهَا، فَقَالَ:((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ)) قَالَ: فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: رَضِيَ مَخْرَمَةُ.
[خ: ٢٥٩٩]
حَدَّثَنَا أَبُو الْخَطَّابِ زِيَادُ بْنُ يَحْيَى الْحَسَّانِيُّ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ أَبُو صَالِحٍ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنِ المِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ قَالَ: قَدِمَتْ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَقْبِيَةٌ، فَقَالَ لِي أَبِي مَخْرَمَةُ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَيْهِ؛ عَسَى أَنْ يُعْطِيَنَا مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: فَقَامَ أَبِي عَلَى الْبَابِ فَتَكَلَّمَ، فَعَرَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَوْتَهُ، فَخَرَجَ وَمَعَهُ قَبَاءٌ، وَهُوَ يُرِيهِ مَحَاسِنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ:((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ، خَبَأْتُ هَذَا لَكَ)).
قوله:((وَعَلَيْهِ قَبَاءٌ)): القباء- بفتح القاف-: ثوب يلبس فوق الثياب.
وقوله:((خَبَأْتُ هَذَا لَكَ))، يعني: ادخرت هذا لك.
وفي هذا الحديث: رعاية النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فقد كان يعلم ما في أبي مخرمة من الحدة، فراعى حاله، وأنه كان يعلم أنه سيأتي، فبمجرد أن سمع صوته صلى الله عليه وسلم خرج له بالقباء.