للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وذهب مالك والشافعي: إلى أن أهل الأرحام لا يرثون، وإنما يرث ذوو الفروض والعصبات، فإذا لم يوجد للميت ذوو فروض وعصبات فما تركه الميت فلبيت مال المسلمين، وقالوا: إن هذا الحديث ليس فيه تصريح بأنهم يرثون، وإنما فيه: أن بينه وبينهم ارتباطًا وقرابةً، ولا علاقة للإرث في ذلك (١).

وقوله: ((شِعْبًا)): الشِّعب: الوادي الصغير، والمعنى: أن الأنصار لو سلكوا شعبًا صغيرًا، وسلك الناس واديًا كبيرًا لسلك النبي صلى الله عليه وسلم شعب الأنصار، وهذا فيه: فضل الأنصار، وأنهم أفضل الناس بعد المهاجرين، وأنهم على الحق رضوان الله عليهم.

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَرْعَرَةَ- يَزِيدُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ الْحَرْفُ بَعْدَ الْحَرْفِ- قَالَا: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ أَقْبَلَتْ هَوَازِنُ وَغَطَفَانُ وَغَيْرُهُمْ بِذَرَارِيِّهِمْ وَنَعَمِهِمْ، وَمَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- يَوْمَئِذٍ- عَشَرَةُ آلَافٍ وَمَعَهُ الطُّلَقَاءُ، فَأَدْبَرُوا عَنْهُ حَتَّى بَقِيَ وَحْدَهُ قَالَ: فَنَادَى- يَوْمَئِذٍ- نِدَاءَيْنِ لَمْ يَخْلِطْ بَيْنَهُمَا شَيْئًا قَالَ: فَالْتَفَتَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ) فَقَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ: ثُمَّ الْتَفَتَ عَنْ يَسَارِهِ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ)) قَالُوا: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَبْشِرْ نَحْنُ مَعَكَ قَالَ: وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ بَيْضَاءَ، فَنَزَلَ، فَقَالَ: ((أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ))، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ، وَأَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَنَائِمَ كَثِيرَةً، فَقَسَمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ وَالطُّلَقَاءِ، وَلَمْ يُعْطِ الْأَنْصَارَ شَيْئًا، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: إِذَا كَانَتِ الشِّدَّةُ فَنَحْنُ نُدْعَى، وَتُعْطَى الْغَنَائِمُ غَيْرَنَا؟ فَبَلَغَهُ ذَلِكَ، فَجَمَعَهُمْ فِي قُبَّةٍ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ، مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي


(١) مختصر خليل، لخليل (ص ٢٦١)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٨/ ٢٠٧ - ٢٠٨)، أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (٣/ ٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>