وفي هذا الحديث: فضل الأنصار رضوان الله عليهم، ولكن المهاجرين أفضل من الأنصار؛ لأن المهاجرين تركوا ديارهم وأموالهم وأهليهم لله، وكان الأنصار في بلادهم، وإن كانوا آثروا المهاجرين رضي الله عنهم على أنفسهم.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شَقِيقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَسْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ: إِنَّهَا لَقِسْمَةٌ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللَّهِ قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَارَرْتُهُ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ، حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي لَمْ أَذْكُرْهُ لَهُ قَالَ: ثُمَّ قَالَ: ((قَدْ أَوُذِيَ مُوسَى بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا، فَصَبَرَ)).
قوله:((وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللَّهِ)): فيه: أنه قالها في غيبته صلى الله عليه وسلم، وفي الحديث الآخر أنه واجهه بها، وقال:((وَاللَّهِ إِنَّ هَذِهِ لَقِسْمَةٌ مَا عُدِلَ فِيهَا، وَمَا أُرِيدَ فِيهَا وَجْهُ اللَّهِ))، فجاء عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأخبر النبيَّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان كالصِّرْف، يعني: