[٩٤] وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ وَاصِلٍ الأَحْدَبِ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((أَتَانِي جِبْرِيلُ عليه السلام، فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ)).
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ خِرَاشٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي حُسَيْنٌ الْمُعَلِّمُ عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ يَعْمَرَ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا الأَسْوَدِ الدِّيلِيَّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ حَدَّثَهُ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ نَائِمٌ، عَلَيْهِ ثَوْبٌ أَبْيَضُ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَإِذَا هُوَ نَائِمٌ، ثُمَّ أَتَيْتُهُ وَقَدِ اسْتَيْقَظَ، فَجَلَسْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: ((مَا مِنْ عَبْدٍ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثُمَّ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ))، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ))، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: ((وَإِنْ زَنَى، وَإِنْ سَرَقَ)) ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: ((عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ))، قَالَ: فَخَرَجَ أَبُو ذَرٍّ وَهُوَ يَقُولُ: وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ.
وقوله: ((عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ)): قال النووي: ((وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ) فَهُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَضَمِّهَا وَكَسَرِهَا. قَوْلُهُ: (وَإِنْ رَغِمَ أَنْفُ أَبِي ذَرٍّ) هُوَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ وَكَسْرِهَا. ذَكَرَ هَذَا كُلَّهَ الْجَوْهَرِيُّ، وَغَيْرُهُ. وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنَ الرَّغَامِ- بِفَتْحِ الرَّاءِ- وَهُوَ: التُّرَابُ. فَمَعْنَى: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَهُ، أَيْ: أَلْصَقَهُ بِالرَّغَامِ، وَأَذَلَّهُ، فَمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (عَلَى رَغْمِ أَنْفِ أَبِي ذَرٍّ)، أَيْ: عَلَى ذُلٍّ مِنْهُ؛ لِوُقُوعِهِ مُخَالِفًا لِمَا يُرِيدُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: عَلَى كَرَاهَةٍ مِنْهُ، وَإِنَّمَا قَالَهُ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ؛ لِاسْتِبْعَادِهِ الْعَفْوَ عَنِ الزَّانِي السَّارِقِ الْمُنْتَهِكِ لِلْحُرْمَةِ، وَاسْتِعْظَامِهِ ذَلِكَ، وَتَصَوُّرُ أَبِي ذَرٍّ بِصُورَةِ الْكَارِهِ الْمُمَانِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُمَانِعًا، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute