في هذه الأحاديث: دليل على مشروعية الإهداء إلى البيت من بلده، أي: يهدي إبلًا، أو بقرًا، أو غنمًا وهو جالس في بلده يتقرب بها إلى الله.
وفيها: أن من السنة أن يجعل للهدي قلائد حتى يعلم الناس أنها مهداة؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها:((كُنْتُ أَفْتِلُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم))، أي: كانت تفتل شيئًا من العِهْن وهو الصوف، ويجعل في رقبة الهدي.
وفيها: دليل على أن من أهدى شيئًا من الإبل، أو البقر، أو الغنم فإنه لا يمتنع من أخذ شيء من شعره، أو ظفره، ولا يمتنع عن النساء، كما يفعل المحرم؛ ولهذا قالت عائشة رضي الله عنها:((كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ بِالْهَدْيِ أَفْتِلُ قَلَائِدَهَا بِيَدَيَّ، ثُمَّ لَا يُمْسِكُ عَنْ شَيْءٍ لَا يُمْسِكُ عَنْهُ الْحَلَالُ)).
وفيها: دليل على أن ابن عباس رضي الله عنهما خفيت عليه السُّنة، فقال:((مَنْ أَهْدَى هَدْيًا حَرُمَ عَلَيْهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَاجِّ حَتَّى يُنْحَرَ الْهَدْيُ)) فقالت عائشة رضي الله عنها: ليس الأمر كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((أَنَا فَتَلْتُ قَلَائِدَ هَدْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدَيَّ، ثُمَّ قَلَّدَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، ثُمَّ بَعَثَ بِهَا مَعَ أَبِي، فَلَمْ يَحْرُمْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ أَحَلَّهُ اللهُ لَهُ حَتَّى نُحِرَ الْهَدْيُ)).
والقاعدة في هذا- كما تقدم-: أن من حفظ حجة على من لم يحفظ، فعائشة رضي الله عنها حفظت السنة، وهي التي باشرت هذا.