للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المعنى: أنك إذا قتلته أنت تكون بمنزلته، بمعنى: أنك تكون غير معصوم الدم، وهو يكون بمنزلتك قبل أن تقتله، أي: معصوم الدم، بعد أن قال: لا إله إلا الله.

وقيل: المعنى: أنك مثله في الخطأ، وأن كلًّا منكما يكون مخطئًا، وإن كان الخطأ يختلف، فخطؤه هو خطأ كفر قبل أن يسلم، وأنت خطؤك خطأ معصية.

لكن القول الأول هو المتبادر.

ودلت النصوص على أنه إن قتله بعد أن قال: لا إله إلا الله، لا يُقتَل؛ لأنه قتله متأولًا، وظن أنه قالها تأولًا، وأنها لا تنفعه في هذه الحالة، ولا تفيده في الإسلام، فيكون من أجل التأويل معذورًا، ولولا التأويل لوجب قتله قصاصًا، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع المقداد رضي الله عنه (١)، وكما فعل مع أسامة رضي الله عنه (٢)، وكما فعل مع خالد رضي الله عنه (٣)، وهذا أصح ما قيل في معناه (٤).

ولكن هذا القاتل المتأول عليه دية، والدية مسكوت عنها، ولم تُذكر في الحديث، فيحتمل أن الدية تكون في هذه الحالة من بيت المال، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى بني جريمة لما قتلهم خالد رضي الله عنه متأولًا، فَوَدَاهم كلَّهم، ودفع دِيَتهم حتى ميلغة (٥) الكلب دفعها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، ورفع يديه، وقال: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ)) (٦)؛ لأنهم لما جاؤوا إليه قالوا: صبأنا، صبأنا، وما أحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فجعل خالد يقتل منهم، ويأسر لظنه،


(١) أخرجه مسلم (٩٥).
(٢) أخرجه البخاري (٤٢٦٩)، ومسلم (٩٦).
(٣) أخرجه البخاري (٤٣٣٩).
(٤) شرح مسلم، للنووي (٢/ ١٠٦).
(٥) الميلغة: الإناء الذي يلغ فيه الكلب. ينظر: النهاية، لابن الأثير (٥/ ٢٢٦).
(٦) أخرجه البخاري (٤٣٣٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>