للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَجْهَ الْفَضْلِ إِلَى الشِّقِّ الْآخَرِ)) استدل به بعضهم على أنه يجوز للمرأة أن تكشف وجهها، وأن وجهها ليس بعورة، وهذا الاستدلال ليس بصحيح؛ لأن هذا الحديث مجمل تفسره الأحاديث الأخرى، وأحاديث الحجاب محكمة لا إشكال فيها، وقال الله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ}، والحجاب الذي يحجب المرأة عن الرجل قد يكون بابًا، أو جدارًا، أو ستارًا على وجهها، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ}، وقال سبحانه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}.

ومعنى {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ}: أنها تجعل خمارها ينزل على رأسها، ووجهها، وصدرها، ففي سنن أبي داوود عن أم سلمة قالت: ((لما نزلت {يدنين عليهن من جلابيبهن} خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية)) (١).

ومن الأدلة الصريحة- أيضًا-: ما ثبت في الصحيح في قصة الإفك، لما ذهبوا وتركوا عائشة رضي الله عنها، وكان صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قد تأخر فجاء إليها، وكانت قد غلبتها عينها، فعرفها، فجعل يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قالت عائشة: فاستيقظت باسترجاع صفوان، فخمَّرت وجهي بجلبابي، وكان يعرفني قبل الحجاب (٢)، فدل هذا الحديث أن النساء قبل الحجاب يكشفن وجوههن، وأما بعد الحجاب فكن يسترن وجوههن.

وفي المسند والسنن عن عائشة رضي الله عنها قالت: ((كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ)) (٣)، هذا في الحج، وأما قوله:


(١) أخرجه أبو داود (٤١٠١).
(٢) صحيح البخاري (٢٦٦١)، وصحيح مسلم (٢٣٧٣).
(٣) أخرجه أحمد (٢٤٠٢١)، وأبو داود (١٨٣٣)، وابن ماجه (٢٩٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>