للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى)) فُسِّر البر بفعل الأوامر، والتقوى بترك النواهي، وإذا أطلق أحدهما شمل الدين كله، ومنه قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، يعني: تعاونوا على فعل الأوامر، وترك النواهي.

وقوله: ((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ)) الوعثاء: الشدة والمشقة، والكآبة، يعني: التكدُّر، والحزن الذي يحصل بسبب تغير هذا المنظر.

وقوله: ((وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ) يعني: المرجع.

قوله: ((وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ)) بالنون ومعناها: الاستقرار، وفي بعض نسخ صحيح مسلم: ((من الحور بعد الكور))، والحور، أي: الرجوع، والمقصود هنا: الرجوع من الطاعة إلى المعصية، ومن الإيمان إلى الكفر، قال تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}، أي: أن الكافر ظن أنه لن يرجع إلى ربه ليحاسبه ويجازيه.

قال النووي: ((معناه بالراء والنون جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص، قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوين العمامة وهو لفها وجمعها، ورواية النون مأخوذة من الكون، مصدر: كان يكون كونًا، إذا وُجد واستقر)) (١).

وكان يقول عليه الصلاة والسلام إذا رجع: ((آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ) وآيبون أي: راجعون إلى الله.

في هذه الأحاديث: استحباب الذكر، وأنه ينبغي للمسلم أن يحرص على أذكار السفر وغيرها تعبدًا لله عز وجل، وامتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي للإنسان إذا ركب مركوبه أن يكبر ثلاثًا.


(١) شرح مسلم، للنووي (٩/ ١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>