وقوله:((اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى)) فُسِّر البر بفعل الأوامر، والتقوى بترك النواهي، وإذا أطلق أحدهما شمل الدين كله، ومنه قوله تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، يعني: تعاونوا على فعل الأوامر، وترك النواهي.
وقوله:((اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ، وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ)) الوعثاء: الشدة والمشقة، والكآبة، يعني: التكدُّر، والحزن الذي يحصل بسبب تغير هذا المنظر.
وقوله:((وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ))، يعني: المرجع.
قوله:((وَالْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ)) بالنون ومعناها: الاستقرار، وفي بعض نسخ صحيح مسلم:((من الحور بعد الكور))، والحور، أي: الرجوع، والمقصود هنا: الرجوع من الطاعة إلى المعصية، ومن الإيمان إلى الكفر، قال تعالى:{إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ}، أي: أن الكافر ظن أنه لن يرجع إلى ربه ليحاسبه ويجازيه.
قال النووي:((معناه بالراء والنون جميعا: الرجوع من الاستقامة أو الزيادة إلى النقص، قالوا: ورواية الراء مأخوذة من تكوين العمامة وهو لفها وجمعها، ورواية النون مأخوذة من الكون، مصدر: كان يكون كونًا، إذا وُجد واستقر)) (١).
وكان يقول عليه الصلاة والسلام إذا رجع:((آيِبُونَ، تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ))، وآيبون أي: راجعون إلى الله.
في هذه الأحاديث: استحباب الذكر، وأنه ينبغي للمسلم أن يحرص على أذكار السفر وغيرها تعبدًا لله عز وجل، وامتثالًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم، وينبغي للإنسان إذا ركب مركوبه أن يكبر ثلاثًا.