وقوله:((مِنَ الْجُيُوشِ، أَوِ السَّرَايَا، أَوِ الْحَجِّ، أَوِ الْعُمْرَةِ)) هذه هي أسفار النبي صلى الله عليه وسلم في الغالب.
وقوله:((صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ))، أي: في نصره لأوليائه عامة، وفي نصره لنبيه عليه الصلاة والسلام خاصة.
وقوله:((وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ)) الأحزاب هم الكفار الذين تحزبوا وتجمعوا لقتال المسلمين يوم الخندق، وأحاطوا بالمدينة، فالله تعالى هزمهم، ونصر المسلمين بالجنود والملائكة والريح، كما أخبر الله تعالى في سورة الأحزاب:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا}، فالله تعالى هزمهم بالجنود، وأرسل عليهم ريحًا عظيمة صارت تقلع ثيابهم، وترفع قدورهم، وأرسل عليهم الملائكة تقذف الرعب في قلوبهم حتى رحلوا وانهزموا.
وقوله:((إِذَا أَوْفَى عَلَى ثَنِيَّةٍ، أَوْ فَدْفَدٍ))، أي: صعد مرتفعًا، كبر تعظيمًا لله عز وجل، وأن الله أكبر من كل كبير، وأعظم من كل عظيم، وإذا هبط بوادٍ سبح تنزيهًا لله سبحانه عن السفول.
والفدفد: وهو الموضع الذي فيه غلظ وارتفاع، وقيل: هو الفلاة التي لا شيء فيها، وقيل: غليظ الأرض ذات الحصى، وقيل: الجلد من الأرض في ارتفاع، وجمعه: فدافد.
قال النووي:((قوله صلى الله عليه وسلم: ((صَدَقَ اللهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ))، أي: صدق وعده في إظهار الدين وإظهار العاقبة للمتقين، وغير ذلك من وعده سبحانه؛ إن الله لا يخلف الميعاد، وهزم الأحزاب وحده، أي: من غير قتال من آدميين، والمراد: الأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل الله عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها)) (١).