واختُلف في حرم ثالث، وهو وادي (وج) موضع بناحية الطائف قريب من مكة، فقيل: إنه حرم، والصواب: أنه ليس بحرم.
وأما ما يقوله بعض الناس بأن المسجد الأقصى حرم، وأنه ثالث الحرمين الشرفين فهذا غلط، ومن الأخطاء الشائعة.
وقوله:((وَلَا يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا- أَوْ: شَهِيدًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) هذه بشارة لمن صبر من أهل المدينة على الشدة والمشقة فيها، بشرط أن يكون معه الإيمان والاحتساب وأن لا يكون مشركًا.
وفيه: أن من خرج من المدينة رغبةً عنها فإن الله يبدلها خيرًا منه، لكن من خرج لا رغبة عنها فلا حرج؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم خرجوا إلى الأمصار ينشرون دين الله عز وجل، ويبلغون العلم، ويجاهدون في سبيل الله.
وفيه: وعيد شديد لمن أراد المدينة بسوء، وكذلك من أراد مكة فهو أشد؛ لأن تحريم حرمها أغلظ، ومضاعفة الصلاة فيها أكثر، وكل من أراد المسلمين بسوء فهو متوعَّد بهذا الوعيد الشديد.
وقوله:((إِلَّا أَذَابَهُ اللهُ فِي النَّارِ)) ليس خاصًّا بالآخرة، قال القاضي عياض:((هذه الزيادة (فى النار) ترفع إشكال الأحاديث التى لم تذكر فيها، وأن هذا حكمه فى الآخرة، وقد يكون المراد به: من أرادها فى حياة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الدنيا، فيكفى أمره، ويضمحل كيده، كما يضمحل الرصاص، ويكون (في النَّارِ) مقدَّمًا فى اللفظ، كما قال في الحديث الآخر:(كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ)، أو يكون ذلك لمن أرادها فى الدنيا فلا يمهله الله، ولا يُمكن سلطانه، ويذهبه عن قرب، كما انقضى مِن شأن مَن حاربها أيام بني أمية، مثل: مسلم بن عقبة، وهلاكه منصرفه عنها، ثُمَّ هلاك يزيد بن معاوية