للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الثانية: تحرس في وقت مجيء الدجال.

أما الأوقات الأخرى فليس هناك دليل على أنها تُحرس.

وقوله: ((فقَالَ أَبُو سَعِيدٍ: لَا تَفْعَلْ، الْزَمِ الْمَدِينَةَ)) فيه: أن أبا سعيد رضي الله عنه نصح الرجل لما أراد أن ينتقل من المدينة لما أصابته الشدة، وقال له: ابقَ فيها، وذكر له ما خص الله به المدينة من البركة والحراسة.

وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ- مَوْلَى الْمَهْرِيِّ-: أَنَّهُ جَاءَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ لَيَالِي الْحَرَّةِ، فَاسْتَشَارَهُ فِي الْجَلَاءِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَشَكَا إِلَيْهِ أَسْعَارَهَا، وَكَثْرَةَ عِيَالِهِ، وَأَخْبَرَهُ أَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى جَهْدِ الْمَدِينَةِ وَلَأْوَائِهَا، فقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ لَا آمُرُكَ بِذَلِكَ؛ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((لَا يَصْبِرُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا فَيَمُوتَ، إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا- أَوْ: شَهِيدًا- يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا كَانَ مُسْلِمًا)).

قوله: ((إِذَا كَانَ مُسْلِمًا)) هذا قيد في الشفاعة، فالمعنى: أنه إذا كان كافرًا فلا، وكذلك إذا كان من المنافقين، أو من الزنادقة، وهذا القيد لا بد منه حتى لو لم يُنَصَّ عليه؛ لأنه معلوم من نصوص الشريعة، وقواعدها، قال الله تعالى للكفار: {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، وقال: {وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ}.

وهذا الحديث فيه: فضل من صبر على لأواء المدينة وشدتها ومشقتها، ومن الشدة واللأواء: الصبر على الفقر احتسابًا لوجه الله.

وهذا من فضائل المدينة، ومما يرغب في السكنى فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>