وفيه: أن المدينة كالكير تنفي خبثها، أي: تُخرج الكفرة، والمنافقين، مثل النار التي تصفي الذهب والحديد والفضة من الوسخ، وهذا يتبين في وقت نزول الدجال فيخرج الكفرة والمنافقون من المدينة يتبعون الدجال، وتبقى المدينة سالمة من هؤلاء، ولا يبقى فيها إلا المسلمون، وأما قبل ذلك فمفهوم الحديث فلا يدل الحديث على نفيها.
[١٣٨٣] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَصَابَ الْأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ، فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ، فقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا)).
[خ: ٧٢١١]
وقوله:((وَعْكٌ))، أي: حمى، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال:((أَقِلْنِي بَيْعَتِي))، أي: افسخ بيعتي على الإسلام والهجرة، ((فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم)) لأنه لا يجوز ترك الإسلام وترك الهجرة، وكررها ثلاثًا.
وقوله:((فَخَرَجَ الْأَعْرَابِيُّ))، أي: من المدينة.
وقوله:((وَيَنْصَعُ طَيِّبُهَا))، أي: يصفو، ويخلص طيبها ولا يبقى فيها إلا المؤمنون، ففي زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيه نفي لكنه ليس نفيا كاملا.
في هذا الحديث: أن هذا الأعرابي لم يستقر الإيمان في قلبه؛ ولهذا لم يصبر عندما أصابه المرض.
وفيه: أن هذا الرجل من الخبث الذي نفته المدينة؛ لأن الإيمان لم يستقر في قلبه.