للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأما قوله: ((الْأَيِّمُ أَحَقُّ بِنَفْسِهَا مِنْ وَلِيِّهَا)): فهو مجمل، ومعناه: أنها أحق في الإذن؛ فلو اختارت المرأة كفؤًا، واختار الولي كفؤًا آخر، فيقدم اختيارها، فهي أحق بنفسها، ولو أراد الولي أن يزوجها برجل وهي لا تريده فلا تُجبر، هذا معنى أنها أحق بنفسها، وليس معنى ذلك: أن تزوج نفسها بدون ولي، وإذا أراد الولي كفؤًا، وأرادت هي غيرَ كفؤٍ فلا يطيعها وليها.

ولا يصح الزواج إلا بحضور أربعة، هم: الولي، والزوج، وشاهدان. ولي يعقد النكاح، وزوج يَقبْل، وشاهدان على هذا، ولا بد من رضاها، وهناك شروط أخرى كتعيين المرأة، فتُعيَّن بقوله: أزوج ابنتي فلانة- يُعَيِّنها- إلا إذا لم يكن له إلا بنت واحدة، فيقول: زوَّجتك ابنتي، فيكفي، أما إذا كان له عدة بنات فلا بد أن يعينها، أو يسميها، أو يصفها؛ كأن يقول: ابنتي الطويلة، أو الكبيرة، أو الصغيرة، ولا بد- أيضا- من المهر، وهذا هو الصواب.

قوله: ((وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا)): البكر تستحي غالبًا، فتكون علامة قبولها أن تصمت بخلاف الثيب؛ لأنها قد خف الحياء منها؛ لممارستها للرجل، فإن تكلمت البكر يكون هذا من باب أولى، خلافًا لابن حزم، كما تقدم.

ومن أمثلة جمود الظاهرية على النص مذهبهم في قوله صلى الله عليه وسلم: ((لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ الَّذِي لَا يَجْرِي، ثُمَّ يَغْتَسِلُ فِيهِ)) (١)، حيث ذهبوا إلى أن الإنسان إذا بال في الماء مباشرة فينجس، لكن إذا بال في إناء، ثم صبه في الماء فلا يضر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولنَّ)).

وقالوا أكثر من هذا- أيضًا-: أنه لو تغوط لا يضر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يبولنَّ)) ولم يقل: لا يتغوط، وهذا لا شك جمود (٢).


(١) أخرجه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢).
(٢) المحلى، لابن حزم (١/ ١٣٩ - ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>