فهذا الرجل عنده فضل ماء يمنعه من ابن السبيل، كأن يكون له بئر مثلًا في البرية، يمنعه من أن يدلي دلوه، ويأخذ ماءً، والماء كثير زائد عن حاجته، أو عنده ماء على غدير، فهذا عليه الوعيد الشديد.
أما إذا استخرج الإنسان الماء من دلوه، وحازه، فهذا يكون ملكه، لكن كلامنا في البئر المشترك بينك وبين الناس، أنت مثل غيرك، تدلي دلوك، وتأخذ ماءً، والثاني يدلي دلوه ويأخذ ماءً، هذا الماء مشترك، فإذا كان يمنع أحدًا من أن يأخذ من الماء، فعليه الوعيد الشديد، إذا كان فاضلًا عن حاجته، إما إذا كان لا يكفي إلا لحاجته فلا يسمى فضلًا، ولا يتناوله هذا الوعيد.
وقد جاء في الحديث:((الْمُسْلِمُونَ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثٍ: الْمَاءِ وَالْكَلَإِ وَالنَّارِ)) (١).
فإذا كان عندك نار، ويريد أحد أن يأخذ من النار، فلا تمنعه، فماذا يضرك؟ نار مشتعلة، وجاء إنسان يريد أن يأخذ منها، وكذلك الكلأ وهو الحشيش في البرية، الناس شركاء فيه.
والثاني:((وَرَجُلٌ بَايَعَ رَجُلًا بِسِلْعَةٍ بَعْدَ الْعَصْرِ، فَحَلَفَ لَهُ بِاللَّهِ لَأَخَذَهَا بِكَذَا وَكَذَا، فَصَدَّقَهُ وَهُوَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ)) رجل باع سلعة، وحلف كذبًا، فهذا عليه الوعيد الشديد؛ لأنه ختم يومه بالكذب- والعياذ بالله- والعصر آخر النهار، وينبغي للإنسان أن يختمه بالعمل الصالح، والاستغفار.
والثالث:((وَرَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا، لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا، فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا، وَفَى وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا لَمْ يَفِ)) هذا بايع الإمام أن يكون أميرًا أو وليًّا لأمر المسلمين، ولكنه لا يفي بالبيعة إلا إن أعطي شيئًا من الدنيا، وإن لم يعط خان، ونقض عهد البيعة، وخرج عليه؛ لأن هذا غاش للمسلمين، فهذا عليه الوعيد الشديد.
والخروج على ولاة الأمور من كبائر الذنوب، والدليل على هذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: ((مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ،