مثل بيوتنا الآن- فذهب إلى نسائه أو إلى بيوت أزواجه، وقال:((سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَيْفَ أَنْتُمْ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ؟ فَيَقُولُونَ: بِخَيْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ؟ فَيَقُولُ: بِخَيْرٍ)) ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، فوجد الرجلين قد استأنس بهما الحديث، ولم يعلما، وكان معهم أنس رضي الله عنه، فلما أراد أن يدخل وجدهما، فرجع مرة أخرى، فلما رجع عرف الرجلان أنهما شقَّا على النبي صلى الله عليه وسلم فقاما، ثم بعد ذلك رجع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا هما قد خرجا، وفي الرواية الأخرى:((فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ رَجَعَ، فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رَجَعَ، ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ قَالَ: فَابْتَدَرُوا الْبَابَ، فَخَرَجُوا كُلُّهُمْ))، ونزلت آية الحجاب:{وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب}، ونزلت هذه الآية:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ}، وهذا أَدَبٌ أدَّبَ الله به المؤمنين، وهو أنه لا ينبغي الإطالة والمكث في بيت النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا فيه مشقة على النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي يستحي، والله عز وجل لا يستحي من الحق.
وفيه: أن الحجاب نزل في السنة السابعة من الهجرة.
وفيه: إثبات صفة الحياء للرب عز وجل، كما يليق بجلاله وعظمته.