للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَجِيبُوا هَذِهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دُعِيتُمْ لَهَا قَالَ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ)).

وحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا دُعِيتُمْ إِلَى كُرَاعٍ، فَأَجِيبُوا)).

في هذه الأحاديث: دليل على مشروعية إجابة الدعوة، وذهب الظاهرية وجماعة من السلف- وهذا هو الظاهر- إلى أن الأمر للوجوب (١)، سواء كانت إجابة الدعوة لعرس، أو غيره؛ ولهذا كان ابن عمر رضي الله عنهما يجيب الدعوة، عرسًا كان أو غيره، وذهب الجمهور إلى أن وجوب إجابة الدعوة خاص بوليمة العرس، وما عدا وليمة العرس فإنه مستحب (٢).

وللمدعوِّ أن يستأذن إذا كان يشق عليه، ويكون هذا عذرًا له، وإذا كان فيه سهر كثير يؤدي به إلى التأخر عن صلاة الفجر، أو كان فيه منكرٌ، أو أغانٍ ومعازف- إذا كان لا يستطيع إنكار المنكر- فهذا عذر له في ترك إجابة الدعوة.

والحكمة: أن إجابة الدعوة فيها الألفة والمحبة والتناصر والتآلف وإشاعة العلم؛ وعدم إجابة الدعوة فيه تنافر وتقاطع، فتختلف القلوب وتحصل نفرة؛ فلهذا أمر الشارع بإجابة الدعوة.

وقوله: ((وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ يَأْتِي الدَّعْوَةَ فِي الْعُرْسِ، وَغَيْرِ الْعُرْسِ، وَيَأْتِيهَا وَهُوَ صَائِمٌ)): فيه: حرصه رضي الله عنه على تحرّي السنة بإجابة الدعوة ولو كان صائمًا؛ فيدعو لهم وينصرف؛ وفي لفظ آخر: ((إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُجِبْ فَإِنْ كَانَ صَائِمًا، فَلْيُصَلِّ، وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا، فَلْيَطْعَمْ)) (٣)، وقوله: فليُصلِّ، أي: فَلْيَدْعُ لهم.


(١) المحلى، لابن حزم (٩/ ٤٥١).
(٢) الاختيار لتعليل المختار (٤/ ١٧٦)، حاشية ابن عابدين، لابن عابدين (٦/ ٣٤٧)، حاشية الدسوقي، للدسوقي (٢/ ٣٣٧)، روضة الطالبين، للنووي (٧/ ٣٣٣)، المغني، لابن قدامة (٧/ ٢٧٦).
(٣) أخرجه مسلم (١٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>