ومراده صلى الله عليه وسلم بالحديث هو المعنى الأول دون الثاني؛ لأنه هو الذي يحتاج إلى نظر في كونه يضر الولد حتى احتاج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن ينظر في أحوال غير العرب الذين يصنعون ذلك، فلما رأى أنه لم يضرَّ أولادهم لم يَنْهَ عنه.
وأما الثاني: فضرره معلوم عند العرب وغيرهم بحيث لا يحتاج إلى نظر ولا فكر، وإلا لما هَمَّ النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الغيلة لما أُثر عن العرب من اتقاء ذلك، والتحدث في ضرره، حتى قالوا: إنه ليدرك الفارس فيدعثره عن فرسه، وقد روي في ذلك مقطوعة لحديث أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا؛ فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ)) (١)، وهذا يعني: أن نموه يكون ضعيفًا، حتى شاع عند العامة أن الذي يرضع من أمه وهي حامل تكون بنيته ضعيفة، ولا نشاط عنده، ويغلبه غيره، فيدعثره الفارس الذي هو أنشط وأقوى منه.
والمقصود هنا: أن النبي صلى الله عليه وسلم همَّ بأن ينهى، ثم لم يَنْهَ، فدل على أنه لا حرج في إرضاع الحامل، ولا حرج في وطء المرضع، وأنه لا يؤثر.
* * *
(١) أخرجه أحمد (٢٧٥٦٢)، وأبو داود (٣٨٨١)، وابن ماجه (٢٠١٢).