للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله (١)، وجزم البخاري في صحيحه بوقوعه (٢).

ونصر ابن القيم هذا القول من أوجه متعددة؛ فقال: ((أما قوله: ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا) فالمراجعة قد وقعت في كلام الله ورسوله على ثلاثة معانٍ:

أحدها: ابتداء النكاح، كقوله تعالى: {فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله}، ولا خلاف بين أحد من أهل العلم بالقرآن أن المطلِّق ههنا: هو الزوج الثاني، وأن التراجع بينها وبين الزوج الأول، وذلك نكاح مبتدأ.

وثانيهما: الرد الحسي إلى الحالة التي كان عليها أولًا، كقوله لأبي النعمان بن بشير رضي الله عنه لما نحل ابنه غلامًا خصه به دون ولده: ((رُدَّهُ)) (٣)، فهذا رد ما لم تصح فيه الهبة الجائزة التي سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جورًا، وأخبر أنها لا تصلح، وأنها خلاف العدل.

ومن هذا قوله لمن فرق بين جارية وولدها في البيع فنهاه عن ذلك ورد البيع، وليس هذا الرد مستلزمًا لصحة البيع؛ فإنه بيع باطل، بل هو رد شيئين إلى حالة اجتماعهما كما كانا، وهكذا الأمر بمراجعة ابن عمر امرأتَهُ ارتجاعٌ وردٌّ إلى حالة الاجتماع كما كانا قبل الطلاق، وليس في ذلك ما يقتضي وقوع الطلاق في الحيض البتة ... )) (٤)، فالمراد: أن يردها إليه، وليس معنى ذلك: أن تحسب عليه طلقة؛ لأن الأصل أن الحقيقة اللغوية غير الحقيقة الشرعية.

وقوله: ((مُرْهُ، فَلْيُرَاجِعْهَا)): ظاهر الأمر الوجوب، فيجب أن يراجعها إذا طلقها في الحيض، ويحرم عليه تطليقها، وقال بعضهم: إن الأمر هنا للاستحباب، ولكن لنا أن الأصل في الأوامر الوجوب.


(١) الشرح الممتع، لابن عثيمين (١٣/ ٤٨ - ٥٠).
(٢) صحيح البخاري (٧/ ٤١).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٢٣).
(٤) زاد المعاد، لابن القيم (٥/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>