للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي هذه الأحاديث- أيضًا-: أنه إذا كان هذا يحدث من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم- وهن أفضل النساء وخيرهن- فحصوله من غيرهن من باب أولى، وهذا بسبب الغيرة التي تشتد على الضرة، فتحملها على ذلك، كما سبق معنا في باب الغضب: أنه لما أهدت إحدى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم له طعامًا وكان عند عائشة رضي الله عنها ضربت الصحفة حتى كسرتها، وسقطت وسقط الطعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((طَعَامٌ بِطَعَامٍ، وَإِنَاءٌ بِإِنَاءٍ)) (١)، وكان هذا بسبب الغيرة التي أصابتها رضي الله عنها.

وفيها: أن هذه الآية من سورة التحريم نزلت في تحريم النبي صلى الله عليه وسلم العسل على نفسه، فقال الله تعالى له: {يا أيها النبي لما تحرم ما أحل الله لك}، ثم أنزل الله: {قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم} وسمى التحريم يمينًا، فدل على أن من حرم على نفسه شيئًا غير الزوجة فحكمه حكم اليمين المكفَّرة.

وروي عن قتادة رحمه الله: أنها نزلت في تحريم سُرّيته مارية القبطية (٢).

وفيها: أن التواطؤ الذي حصل من حفصة رضي الله عنها وعائشة رضي الله عنها، ويحتمل أنه كان معهن غيرهن معفوٌّ عنه- إن شاء الله-؛ لما لهن من الحسنات الكثيرة والأعمال الصالحة، والعناية بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولكن هذا شيء اشتد عليهم بسبب الغيرة، وقد لا يملك الإنسان نفسه بسببها، كالغضب الذي يحصل ولا يستطيع الإنسان دفعه، كما حصل لموسى عليه السلام- وهو نبي كريم عليه الصلاة والسلام- لما غضب واشتد غضبه ألقى الألواح، وفيها كلام الله، حتى تكسَّرت، والله يعفو عنه.


(١) أخرجه الترمذي (١٣٥٩).
(٢) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٢٣/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>