للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحكام الدنيا، أما في الآخرة فأمره إلى الله؛ ولهذا أقرهم الإجماع على قولهم: فلان شهيد، وبوب البخاري رحمه الله: ((باب: لا يقول: فلان شهيد)) (١)، فهو لا يقال له: شهيد في أحكام الآخرة؛ لأن هذا أمره إلى الله، ويقال له: شهيد في أحكام الدنيا، وهذا هو الجمع بينهما، فإذا قُتل المسلم المجاهد في المعركة يسمى شهيدًا، وتجرى عليه أحكام الشهداء، لا يُغَسَّل، ولا يُصَلَّى عليه، ويدفن في ثيابه ودمائه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصَلِّ على قتلى أُحد، بل أمر بدفنهم بدمائهم وثيابهم، ولم يغسلهم (٢)، أما في الآخرة فأمر الشهيد إلى الله عز وجل، إذا كان صادقًا فله حكم الشهادة؛ ولهذا لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل يقاتل شجاعة، ورجل يقاتل حمية، ورجل يقاتل رياء، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: ((مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ)) (٣).

وفيه: أن الغالَّ لا يسمى شهيدًا؛ ولهذا لما ذكروا فلانًا، وقالوا: فلان شهيد، قال صلى الله عليه وسلم: ((كَلَّا، إِنِّي رَأَيْتُهُ فِي النَّارِ فِي بُرْدَةٍ غَلَّهَا أَوْ عَبَاءَةٍ) يعني: أخذ بردة، أو عباءة من الغنيمة، قبل أن تقسم، فصارت تشتعل عليه نارًا.


(١) صحيح البخاري (٤/ ٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (١٣٤٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٢٣)، ومسلم (١٩٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>