للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ضربًا شديدًا، لأهمية الأمر، وقال: اخرج، اخرج، فقال: ماذا حصل؟ جاء الغساني؟ أي: جاء الملك الغساني يريد أن يغزونا؟ قال: لا، ((أَشَدُّ مِنْ ذَلِكَ، اعْتَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَزْوَاجَهُ)).

وقوله: ((فَقُلْتُ: رَغِمَ أَنْفُ حَفْصَةَ، وَعَائِشَةَ)): رغم أنفها، أي: لصق أنفها بالتراب، وهو كناية عن الإذلال، يعني: يتوجع من حالتهن، لماذا يصنعن هذا مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ !

وقوله: ((فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ يُرْتَقَى إِلَيْهَا بِعَجَلَةٍ)): مشربة: غرفة مرتفعة، يرقى إليها بعجلة، يعني: بدرج من خشب.

وقوله: ((وَإِنَّهُ لَعَلَى حَصِيرٍ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ شَيْءٌ، وَتَحْتَ رَأْسِهِ وِسَادَةٌ مِنْ أَدَمٍ حَشْوُهَا لِيفٌ)): فيه: أن هذا كان فراش النبي صلى الله عليه وسلم، حصير ليس فوقه شيء، ولا تحته شيء من القطن، أو من الكتان، كما يحصل عندنا الآن، ويباشر جسده الشريف هذا الحصير، حتى أثَّر الحصير في جسده عليه الصلاة والسلام، فتأثر عمر وبكى لحاله عليه الصلاة والسلام.

وقوله: ((وَإِنَّ عَنْدَ رِجْلَيْهِ قَرَظًا مَضْبُورًا، وَعَنْدَ رَأْسِهِ أُهُبًا مُعَلَّقَةً)): فيه: أن الذي كان في غرفته هو القرظ الذي تُدبغ به الجلود، وفيه صاع من شعير، وأُهُب معلَّقة.

وقوله: ((أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَهُمَا الدُّنْيَا، وَلَكَ الْآخِرَةُ؟ ! )): الخِطاب لعمر رضي الله عنه، ويُقصد به عمومُ المسلمين؛ لأن الدنيا للكفرة، فهم لا يؤمنون بالآخرة ولا يرجونها؛ فلهذا يحرصون على الدنيا، والله تعالى يعطيهم منها ما يعطيهم؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: ((وَلا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا فِي صِحَافِهَا؛ فَإِنَّهَا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَنَا فِي الآخِرَةِ)) (١).


(١) أخرجه البخاري (٥٤٢٦)، ومسلم (٢٠٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>