هذا خلاف حصل بين أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وبين ابن عباس، قال ابن عباس: الحامل المتوفى عنها تعتد لأطول الأجلين- فإن كان أطول الأجلين الحمل فتعتد بالحمل، وإن كان أطول الأجلين أربعة أشهر فتعتد أربعة أشهر- فقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: تعتد أربعة أشهر، وقال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي- يعني: أبا سلمة- ثم أرسلوا إلى أم سلمة يستفتونها؛ فأرسلت أم سلمة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أفتى سبيعة الأسلمية رضي الله عنها لما توفي عنها زوجها، ووضعت حملها بعدها بليالٍ أنها خرجت من العدة، وأن لها أن تتزوج الآن إن شاءت.
وهكذا يكون الرد عند التنازع، فلما تنازع أبو سلمه وابن عباس رَدَّا الأمرَ إلى الله والرسول؛ فلما بينت لهم أم سلمه السُّنة رجعوا إليها، فكانت فاصلة في الميزان، قال الله تعالى: } فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلًا}، فإذا تنازع الناس في شيء فيجب أن يردوا هذا التنازع للنصوص من كتاب الله وسنة رسوله؛ فهذا ابن عباس وأبو سلمة لما بينت لهم أم سلمة السنة كان ذلك فاصلًا في النزاع بينهما؛ ولهذا يكون قوله تعالى:{وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن} عامًّا لجميع المطلقات، سواء كانت رجعية، أو بائنًا، أو متوفَّى عنها زوجها، طالت مدة الحمل أو قصرت؛