في هذا الحديث: إثبات الغيرة لله عز وجل على ما يليق بجلاله وكماله، وأنه تعالى أغير من عباده على محارمه.
وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم أغير الناس.
وفيه: فضل سعد رضي الله عنه وغيرته.
وقوله:((لَا شَخْصَ)) بالنصب على أن ((لا)) نافية للجنس، فتعمل عمل إن وأخواتها، و ((وَلَا شَخْصُ)) بالرفع على أن ((لا)) نافية، والمعنى: لا أحد أغير من الله.
وقد دل الحديث على الله أن شخص، كما أخبر عنه بأنه ذات، وأنه شيء، وأنه موجود، في مقابل الرد على من أنكر وجود الله، الذي يقول: إن الله لا يسمى شخصًا ولا شيئًا ولا ذاتًا، وهؤلاء هم الجهمية، والجهمية ملاحدة، فقولهم هذا إنكار لوجوده- نعوذ بالله من ذلك- والله تعالى أخبر عن نفسه بأنه شيء، وبأنه موجود، وبأنه ذات، وبأنه شخص، قال تعالى:{قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم}، ومن الشواهد على ذلك قوله هنا:((وَلَا شَخْصَ أَغْيَرُ مِنَ اللهِ))، وقوله:((وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ بَعَثَ اللهُ الْمُرْسَلِينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ، وَلَا شَخْصَ أَحَبُّ إِلَيْهِ الْمِدْحَةُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَعَدَ اللهُ الْجَنَّةَ)).
وقول سعد بن عبادة رضي الله عنه:((كَلَّا، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، إِنْ كُنْتُ لَأُعَاجِلُهُ بِالسَّيْفِ قَبْلَ ذَلِكَ)) هل خالف به قول النبي صلى الله عليه وسلم وردَّه؟
الجواب: قال النووي رحمه الله: ((قال الماوردي وغيره ليس قوله هو ردا لقول النبي صلى الله عليه وسلم ولا مخالفة من سعد بن عبادة لأمره صلى الله عليه وسلم وإنما معناه الإخبار عن حالة الإنسان عند رؤيته الرجل عند امرأته واستيلاء الغضب عليه فإنه حينئذٍ يعاجله بالسيف وإن كان عاصيًا)) (١).