للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

نجشًا، من باب: ضرب يضرب ضربًا (١)، والنجش- شرعًا-: الزيادة في السلعة ممن لا يريد شراءها؛ لينفع البائع، أو ليضر المشتري، وهذا حرام، والناجش عاصٍ لله ولرسوله.

وقوله: ((وَلَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)): صورته: أن يقدم إلى البلد رجل معه سلعة- سواء كان من أهل البادية، أو من غيرهم- ولا يعرف قيمة هذه السلعة، ويريد بيعها في الحال، كمن يأتي من البادية ومعه سمن، أو أقط، أو دهن، أو فقع، وما أشبه ذلك، ويريد أن يبيعها بسعر يومها برخص، فيأتيه رجل، ويقول له: دعها عندي، أبيعها لك على التدريج، فهذا يضر بالناس؛ لأن البادي يريد أن بيبعها بسعر يومها برخص، وهذا فيه مصلحة لأهل البلد، فيفوتها عليهم.

واختلف العلماء فيما إذا باع حاضر لبادٍ هل يصح البيع، أو لا يصح؟ ولهم في هذا أقوال:

منها: لا يصح البيع، وقيل: يصح مع الإثم، وقيل: لا يصح مطلقًا.

وقيل: يصح مطلقًا، وهو مذهب الأحناف (٢)، وقالوا: إن هذا من باب النصيحة؛ لحديث: ((الدِّينُ النَّصِيحَةُ)) (٣)، وقالوا: إن حديث: ((لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ)): منسوخ، وهذا قول ضعيف لا وجه له.

وقيل: يجوز إذا كان بدون أجرة، ولا يجوز إذا كان بأجرة، وهي السمسرة؛ لأنه إذا باعه بأجرة فلا ينظر إلا لمصلحة نفسه، وأما إذا باعه له بدون أجرة فهذا جائز، وهو اختيار البخاري، والصواب: المنع مطلقًا، لا بسمسرة، ولا بغيرها.


(١) مقاييس اللغة، لابن فارس (٥/ ٣٩٤)، تاج العروس، للزبيدي (١٧/ ٤٠٣).
(٢) بدائع الصنائع، للكاساني (٥/ ٢٣٢).
(٣) أخرجه مسلم (٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>