للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هذا الحديث فيه: بيان أفضل ما يعده الإنسان لما بعد الموت، وهو التوحيد والإيمان، ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: ((إِيمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ)) (١).

وفيه: دليل على أن الإسلام يهدم ما قبله، ولكن بالتفصيل السابق؛ إذا أسلم، وحسن إسلامه هدم الإسلامُ الشركَ والمعاصي، وإذا أسلم وساء إسلامه هدم الإسلامُ الشركَ وبقيت عليه المعاصي التي استمر عليها، ولم يتب منها، وكذلك الهجرة تهدم ما قبلها، وكذلك الحج الذي ليس فيه فسوق ولا عصيان يهدم ما قبله من المعاصي.

وقوله: ((ثُمَّ وَلِينَا أَشْيَاءَ مَا أَدْرِي مَا حَالِي فِيهَا) أي: حصل له أشياء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، من اتصاله بمعاوية رضي الله عنه، ومسألة التحكيم، والخلاف الذي حصل بين الصحابة، والقتال بينهم.

وقوله: ((فَإِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تَصْحَبْنِي نَائِحَةٌ وَلَا نَارٌ فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي فَشُنُّوا عَلَيَّ التُّرَابَ شَنًّا فَإِذَا فَرَغْتُمْ مِنْ دَفْنِي، فَامْكُثُوا حَوْلِي قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ، وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا فَإِنِّي آنَسُ بِكُمْ حَتَّى أَعْلَمَ مَاذَا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ رَبِّي)) وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه؛ لأن هذه المدة مدة طويلة، فمقدار ما تنحر الجزور، ويقسم لحمها ساعتان أو ثلاث، وهذا وقت طويل، والصواب: أنه لا يشرع الجلوس عند الميت هذه المدة الطويلة؛ لما فيها من المشقة، وهي غير مشروعة، ولا دليل عليها في السنة، فإذا دفن الميت يقف الإنسان عند قبره قليلًا ويدعو له، وينصرف، كما في حديث عثمان رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم: ((اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ؛ فَإِنَّهُ الآنَ يُسْأَلُ)) (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٥١٩)، ومسلم (٨٣).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٢٢١)، والبيهقي في إثبات عذاب القبر (٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>