ويقسم لهن، أو يضمن لهن الأوساق التي كان يعطيهن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنهن من اختارت الأوساق، ومنهن من اختارت الأرض والماء، كعائشة رضي الله عنها وحفصة رضي الله عنها، تأخذ نصيبها وتتصرف فيه تزرعه، أو تزارع عليه.
وفيه: دليل على أنه لا بد من تحديد الجزء المساقَى عليه، أو المزارَع عليه، إذا كان الجزء مشاعًا على الربع، أو السدس، يكون للعامل مثلًا الربع، أو النصف، أو الثلث على حسب الاتفاق، أو يكون بالدراهم للعامل، ويكون الثمر لرب الأرض، كل هذا جائز، أو يُزارِعهم بآصُعٍ معلومة، أما الممنوع فهو أن تكون بجزء معين غير مشاع، كما سبق في المخابرة المنهي عنها، كأن يقول: لك الجهة الشمالية، ولي الجهة الجنوبية، أو لي ما ينبت على السواقي وعلى الجداول وعلى البرك، أو يكون بجزء مشاع ثلث أو ربع مثلًا، ويشترط معها دراهم وآصع، هذا منهي عنه، وهذه هي المخابرة المنهي عنها.
وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: لَمَّا افْتُتِحَتْ خَيْبَرُ، سَأَلَتْ يَهُودُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: أَنْ يُقِرَّهُمْ فِيهَا عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا عَلَى نِصْفِ مَا خَرَجَ مِنْهَا مِنَ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا)).
ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ بِنَحْوِ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ، وَابْنِ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَزَادَ فِيهِ: وَكَانَ الثَّمَرُ يُقْسَمُ عَلَى السُّهْمَانِ مِنْ نِصْفِ خَيْبَرَ، فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْخُمْسَ.
قوله:((أُقِرُّكُمْ فِيهَا عَلَى ذَلِكَ مَا شِئْنَا))، يعني: أترككم تمكثون فيها ما شئنا، ولم يحدد مدة، والجمهور على أنها مدة العهد؛ لأنه كان عازمًا على إخراجهم من جزيرة العرب، ومن قال: إنها فتحت صلحًا قالوا: إن اليهود كانوا عبيدًا للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا قول ضعيف.