للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

القول الأول: يكون الجميع من ضمان البائع، وهو مذهب الإمام أحمد (١)، واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح، وقالوا: هذا الأمر للوجوب، وقالوا: يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: ((إِنْ مَنَعَ اللهُ الثَّمَرَةَ بِمَ تَأْخُذُ مَالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ؟ ! )).

القول الثاني: أنها تكون من ضمان المشتري، وهو قول الشافعي (٢)، واستدلوا بالحديث الأخير عَنِ الرجل الذي كثر دينه في ثمار ابتاعها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تَصَدَّقوا عَلَيْهِ) قالوا: قوله: ((تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ)): دليل على أنه كان من ضمانه، ولو كانت من ضمان البائع ما قال: ((تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ)).

القول الثالث: أن الجوائح توضع إذا كانت أكثر من الثلث، وهو قول الإمام مالك (٣) وجماعة (٤)، وإذا كانت أقل من الثلث لا توضع، وتكون من ضمان المشتري، وإذا كانت الثلث وأكثر تكون من ضمان البائع، وأجابوا عن حديث الرجل الذي أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ) قالوا: إن هذا محمول على أن المشتري فرَّط وتركها؛ فلذلك صارت من ضمانه، والبائع ليس ملزَمًا بمن تأخَّر وترك الثمر حتى بعد ما ينتهي الناس من الجذاذ، أو هو محمول على أنه باعها قبل بدو الصلاح، والذين قالوا: إنها من ضمان المشتري قالوا: هذا من باب الاستحباب.

والأقرب: القول الأول: أنها تكون من ضمان البائع مطلقًا، سواء باع قبل بدو الصلاح، أو بعد بدو الصلاح، أما قبل بدو الصلاح فلا يجوز البيع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار قبل بدو صلاحها، والحديث صريح في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح.


(١) شرح منتهى الإرادات، للبهوتي (٢/ ٨٦).
(٢) أسنى المطالب، لزكريا الأنصاري (٢/ ١٠٨).
(٣) المدونة، لمالك بن أنس (٣/ ٥٨٦).
(٤) المجموع، للنووي (١٢/ ١٦٥)، الحاوي الكبير، للماوردي (٥/ ٢٠٥)، المغني، لابن قدامة (٦/ ١٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>