للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: ((أَسْلَمْتَ عَلَى مَا أَسْلَفْتَ مِنْ خَيْرٍ) يعني: إذا أسلم الكافر وكان هناك أعمال صالحة يعملها في كفره، يقصد بها التقرب إلى الله، يكتب له أجرها في إسلامه، بشرط أن يكون قاصدًا بها التقرب إلى الله، فإذا كان يعتق الرقاب في الجاهلية، أو ينصر المظلوم، وينوي بهذه الأعمال التقرب إلى الله، فإنه تكتب له كل تلك الأعمال، ويحرزها بإسلامه، هذا المعنى الظاهر للحديث وهو الراجح، وإليه ذهب ابن بطال (١).

وقيل في معناه أقوال أخرى:

قال النووي رحمه الله: ((وقال الإمام أبو عبد الله المازري رحمه الله: ظاهره خلاف ما تقتضيه الأصول؛ لأن الكافر لا يصح منه التقرب، فلا يثاب على طاعته، ويصح أن يكون مطيعًا غير متقرب، كنظيره في الإيمان، فإنه مطيع فيه من حيث كان موافقًا للأمر والطاعة عندنا موافقة الأمر ولكنه لا يكون متقربا لأن من شرط المتقرب أن يكون عارفا بالمتقرب إليه وهو في حين نظره لم يحصل له العلم بالله تعالى بعد فإذا تقرر هذا علم أن الحديث متأول وهو يحتمل وجوها أحدها أن يكون معناه اكتسبت طباعا جميلة وأنت تنتفع بتلك الطباع في الإسلام وتكون تلك العادة تمهيدا لك ومعونة على فعل الخير والثاني معناه اكتسبت بذلك ثناء جميلا فهو باق عليك في الإسلام والثالث أنه لا يبعد أن يزاد في حسناته التي يفعلها في الإسلام ويكثر أجره لما تقدم له من الأفعال الجميلة وقد قالوا في الكافر إذا كان يفعل الخير فإنه يخفف عنه به فلا يبعد أن يزاد هذا في الأجور)) (٢).

قلت: قوله: الكافر لا يصح منه التقرب، مراده: أنه لا يعتد له به في أحكام الدنيا، وليس فيه تعرض لثواب الآخرة، فإن أقدَمَ قائل على التصريح بأنه إذا أسلم لا يثاب عليها في الآخرة رُدَّ قوله بهذه السنة الصحيحة.


(١) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٧/ ٥١ - ٥٢).
(٢) شرح مسلم، للنووي (٢/ ١٤٠ - ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>