للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قبل أن يعلم هذا الرجل بتحريم الخمر، فأهدى للنبي صلى الله عليه وسلم؛ بناءً على ما كان عليه الناس، فقد كانوا يشربونها في الجاهلية وفي أول الإسلام وكانت نفوسهم متعلقة بها.

وفيها: دليل على أن الواعظ والخطيب والمحدِّث لا بأس أن يسأل الإنسان بم سارَّه مَن بجواره؟ حتى يخبره بالحكم إذا كان يحتمل أن يعتقد الخطأ؛ ولهذا سأله النبي صلى الله عليه وسلم: ((بِمَ سَارَرْتَهُ؟ ))، فأخبره بالحكم؛ لأنه كان يعتقد الخطأ.

وفيها: دليل على تحريم الخمر بجميع وجوه التصرف، فيحرم شربها، ويحرم بيعها، وإهداؤها، وحملها، وسقيها غيره؛ ولهذا جاء في الحديث: ((لُعِنَتِ الْخَمْرُ عَلَى عَشْرَةِ وُجُوهٍ: لُعِنَتِ الْخَمْرُ بِعَيْنِهَا، وَشَارِبُهَا، وَسَاقِيهَا، وَبَائِعُهَا، وَمُبْتَاعُهَا، وَعَاصِرُهَا، وَمُعْتَصِرُهَا، وَحَامِلُهَا، وَالْمَحْمُولَةُ إِلَيْهِ، وَآكِلُ ثَمَنِهَا)) (١).

وقول عائشة رضي الله عنها: ((لَمَّا أُنْزِلَتِ الْآيَاتُ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الرِّبَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمَسْجِدِ، فَحَرَّمَ التِّجَارَةَ فِي الْخَمْرِ)): قال القاضي عياض: ((وقوله: (لما نزلت الآيات من آخر سورة البقرة اقترأهن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس، ثم نهى عَنِ التجارة في الخمر): يحتمل أن يكون هذا متصلًا بعد تحريم الخمر ومنها فهم، أو أوصى إليه بمنع بيع الخمر بظاهر الحديث؛ لأن سورة المائدة التي فيها تحريم الخمر من آخر ما نزل من القرآن، وآية الربا آخر ما نزل. قال ذلك عمر، قال: (ومات رسول الله ولم يفسرها لنا)، ويحتمل أن يكون هذا بعد بيان النبي تحريم له في الخمر. فلما نزلت آية الربا وقد اشتملت على تحريم ما عدا البيع الصحيح أكد تحريم ذلك، ولا علم أن التجارة في الخمر من جملة ذلك، والله أعلم)) (٢).


(١) أخرجه أحمد (٤٧٨٧)، وابن ماجه (٣٣٨٠).
(٢) إكمال المعلم، للقاضي عياض (٥/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>